مفهوم المسؤولية الجنائية
المسؤولية الجنائية تشير إلى قدرة الفرد على فهم سلوكه في اللحظة التي يرتكب فيها الجريمة، وتعني ما يدور في ذهن الشخص أثناء ارتكاب الفعل الإجرامي، بالإضافة إلى النتائج المحتملة التي قد تنجم عن هذا السلوك. تعد الحالة العقلية من العناصر الأساسية في تعريف الجرائم حسب القانون، بمعنى آخر، فإن المسؤولية الجنائية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحالة النفسية للفرد أثناء القيام بالجريمة.
أركان المسؤولية الجنائية وفقاً للقانون المصري
تُعتبر المسؤولية الجنائية قائمة على الفرد عندما تتوفر جميع أركان الجريمة، وهي كما يلي:
الركن المادي للجريمة
يمثل هذا الركن السلوك الفعلي أو الفعل الذي يؤدي إلى فرض عقوبات وفقاً للقوانين الجنائية. وفقاً لهذا الركن، يجب على الجاني القيام بالفعل الإجرامي، وإن لم يبدأ الجاني في تنفيذ الفعل، فإن إرادته تظل في إطار النية فقط ولا يمكن تحميله مسؤولية جنائية.
الركن القانوني للجريمة
يتعلق هذا الركن بوجود نصوص قانونية تُحوّل الفعل الذي قام به الجاني إلى جريمة، حيث يحدد هذا الركن العقوبة المستحقة وفقاً لخطورة الفعل، مما يعني أن الأفعال غير المعروفة بنص قانوني لا تعد جرائم، حتى لو كانت خطيرة.
الركن المعنوي
يشير إلى القصد الجنائي للفرد، أي أن الجاني يجب أن يكون واعياً ومدركاً لأفعاله. عند توافر هذه الأركان الثلاثة، تتشكل الجريمة وتؤدي إلى تحميل المسؤولية الجنائية للشخص الذي ارتكبها.
عوامل انتفاء المسؤولية الجنائية في القانون المصري
يمكن أن تنتفي المسؤولية الجنائية بسبب عدم الوعي أو الإدراك:
- صغر سن المتهم: حيث أن المسؤولية الجنائية تعتمد على الإدراك والوعي، وهذان المفهومان لا يكونان متوفرين لدى الأطفال الذين لا يميزون بين ما هو مباح وما هو ممنوع، لذا تُعفى الأطفال من المسؤولية الجنائية حتى لو ارتكبوا أفعالاً تعد جرائم.
- الجنون: وهو الحالة التي تفقد فيها الشخص القدرة على التمييز بسبب فقدان ملكاته العقلية، مما يؤدى إلى إسقاط المسؤولية الجنائية عنه.
- السكر الاضطراري والغيبوبة: تنص المادة 62 من قانون العقوبات على عدم توقيع العقوبة على من يكون فاقداً للوعي أو القدرة على الاختيار أثناء ارتكاب الفعل، وذلك بسبب الجنون أو العاهة العقلية أو تأثير عقاقير مخدرة تم تناولها بشكل قهري أو دون علم. ومتى كانت الغيبوبة ناتجة عن تناول هذه العقاقير، يجب أن يكون الشخص فاقداً للشعور تماماً أثناء ارتكاب الجريمة.
وتنتفي المسؤولية الجنائية أيضاً بسبب انعدام الإرادة:
- الإكراه: سواء كان مادياً أو معنوياً، حيث يؤدي الإكراه المادي إلى انعدام الإرادة الكلية للفرد. مثلاً، إذا أُجبر شخص على التوقيع على شيك بدون رصيد، فلا يتم تحمل المسؤولية في هذه الحالة. أما الإكراه المعنوي، فلا يؤدي إلى فقدان الإرادة بشكل كامل بل يقيد حرية الفرد، مثل التهديد بالإيذاء إذا لم يرتكب الجريمة.
- الضرورة: تتمثل في الظروف التي تعرض الفرد للخطر، مما يجعله مضطراً لارتكاب فعل إجرامي للتخلص من هذا الخطر. مثلاً، قد يقوم ممرض بإجراء عملية جراحية لشخص في حالة خطر دون القدرة على طلب مساعدة طبيب.