القضايا السياسية في الشعر خلال فترة الحكم الأموي

القضايا السياسية في الشعر خلال العصر الأموي

تتناول القضايا السياسية في الشعر في العصر الأموي العديد من الجوانب التي تعكس توجهات الشعراء وآرائهم. نستعرض بعضاً من تلك القضايا كما يلي:

الدولة الزبيرية

ميل الكثيرون إلى دعم عبدالله بن الزبير جاء بعد وفاة معاوية الثاني بن يزيد. وقد تنوعت آراؤهم بحسب انتماءاتهم السياسية. فقد ظهر شعراء يدعمون ابن الزبير ويصبحون من مجامِعَه، في حين آخرون هجوه ودعموا خيارات أخرى. من أبرز هؤلاء كان ابن قيس الرقيات الذي كان من المناصرين لدولة ابن الزبير، حيث أنشد في مدح مصعب بن الزبير بعد انتصاره على المختار الثقفي في الكوفة:

إنما مصعبٌ شهاب من الل

ه تجلت عن وجهه الظلماء.

مُلكُه ملك قوة ليس فيه،

جبروت ولا به كبرياء.

كما مدح النابغة الجعدي عبدالله بن الزبير، محصورًا إياه بالعدالة والمساواة في حكمه بعد سنة قحط شهدتها البلاد، حيث لاذ الناس بالاستخلاف وطلب النجدة. وفي هذا أنشد الجعدي:

حكيت لنا الصيدق لما وليتنا،

وعثمان والفاروق فارتاح معدم.

وسويت بين الناس في العدل فاستووا،

فعاد صباحاً حالك الليل مظلم.

أتا أبو ليلى يجوب به الدجى،

دجى الليل جواب الفلاة عثمثم.

لتجبر منه جانباً زعزعت به،

صروف الليالي والزمان المصمم.

كما أشار ابن قيس الرقيات للدولة الزبيرية في قصائده مُعبرًا عن أن الخلافة لا تكون إلا في آل الزبير، حيث قال:

ذكرت قومها قريش فقالت،

راب دهري وأي دهر يدوم.

لا يريك الذي ترين،

فإن الله طِب بما ترين عليم.

إن يكن للإله في هذه الأمة،

دعوى يُعِد عليك النعيم.

وتحلى محل آبائك،

الأخيار بالحجر حيث يُلفى الحطيم.

بلد تأمن الحمامة فيه،

حيث عاذ الخليفة المظلوم.

الشيعة

تميز الشعراء المؤيدون لفكر التشيع بإدخال الطابع الديني على قصائدهم. وكان كُثير عزة واحدًا من أبرز الأسماء التي دعمت الدعوة الكيسانية الشيعية، حيث قال:

هو المهدي خَبََرناه كعب،

أخو الأحبار في الحقب الأولى.

وقد انتقد كُثير عزة عبدالله بن الزبير بعد أن قام الأخير بحبس محمد ابن الحنفية في سجن عارم بمكة. فقال في ذلك:

تُخبر من لاقيت أنك عائذٌ،

بل العائذ المظلوم في سجن عارم.

وصي النبي المصطفى وابن عمه،

وفكاك أغلال ونفًًاع غارم.

أبى فهو لا يشري هدى بضلالة،

ولا يتقي في الله لومة لائم.

الخوارج

شعر الخوارج كان يتميز بتكرار طلب الشهادة والاستشهاد، إضافة إلى دعواتهم للصبر في الحروب. فلم يطلب الخوارج في شعرهم شيئاً كما طالبوا بالموت والشهادة. ومن أبرز هؤلاء الشعراء كان قطري بن الفجاءة، الذي أنشد قصيدة عن الصبر في القتال جاء فيها:

أقول لها وقد طارت شعاعاً،

من الأبطال ويحك لن تراعي.

فإنك لو سألت بقاء يوم،

على الأجل الذي لك لم تطاعي.

فصبراً في مجال الموت صبراً،

فما نيل الخلود بمستطاع.

وما للمرء خير في حياة،

إذا ما عُد من سقط المتاع.

الشعر في انهيار الدولة الأموية

شهدت فترة الاضطرابات الأخيرة في العصر الأموي زيادة في أشعار الولاة والأمويين، حيث سعى الشعراء لتقويم سياسة الأمويين ولكن دون جدوى. ومن بين هذه الأشعار كان قول العباس بن الوليد لأخيه يزيد:

إني أعيذكم بالله من فتن،

مثل الجبال تسامى ثم تندفع.

إن البرية قد ملت سياستكم،

فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا.

كما حذر نصر بن سيار خلفاء بني أمية أثناء توجهه إلى خراسان من دعاة الدولة العباسية، مشيرًا إلى ضرورة أخذ الحيطة. فقال:

أرى بين الرماد وميض جمر،

فأحج بأن يكون له ضرام.

فإن النار بالعودين تُذكى،

وإن الحرب مبدؤها كلام.

فقلت من التعجب ليت شعري،

أأيقاظٌ أميةً أم نيام.

Scroll to Top