العصر الحجري المتأخر

العصر الحجري الحديث

يُعرف العصر الحجري الحديث أحيانًا باسم العصر الحجري الجديد، حيث تتميز هذه الحقبة الزمنية باستخدام أدوات مصنوعة من الحجر. في تلك الفترة، استمر البشر في اتباع نمط حياة أسلافهم الذين عاشوا في العصر الجليدي الأخير، إذ كانوا يعيشون في مجموعات صغيرة تمتهن الصيد. وقد كان من الضروري أن تمر البشرية بفترة تغير جذري، تمثلت في تحول نوعي في طبيعة الحياة البشرية.

مع بداية ثورة العصر الحجري الحديث، بدأ البشر بالانتقال إلى زراعة النباتات وتربية الحيوانات، مما أتاح لهم إمكانية الاستقرار في مناطق معينة وتشكيل مستوطنات دائمة. ومن هنا نشأت المجتمعات البشرية.

ثورة العصر الحجري الحديث وأسبابها

تُطلق على ثورة العصر الحجري الحديث تسمية الثورة الزراعية، ويُعتقد أنها حدثت على شكل سلسلة من التحولات المتتالية عبر فترات زمنية مختلفة في مناطق متعددة. كانت هذه الثورة نقطة تحول في حياة البشر، حيث انتقلوا من نمط الحياة المتنقلة المعتمد على الصيد وجمع الثمار إلى الاستقرار في المجتمعات الزراعية. أحدثت هذه الثورة تغييرًا دائمًا في كيفية معيشة البشر وتفاعلهم مع البيئة المحيطة، وبدورها ساعدت في نشوء الحضارات نتيجة لزيادة توافر الغذاء الذي ساهم في نمو عدد السكان بشكل كبير.

قد تشمل الأسباب التي دفعت البشر للانتقال إلى الزراعة، والتي أدت إلى هذه الثورة، ما يلي:

  • التغيرات المناخية، وأبرزها الاحترار العالمي.
  • التقدم الفكري للبشر والذي قد يكون دافعًا لاستقرارهم.
  • الإقلاع عن أسلوب الحياة البدوي المبني على الصيد وجمع الثمار.

الابتكارات الزراعية في العصر الحجري الحديث

تلعب الابتكارات الزراعية دورًا حيويًا في تمكين البشر من الاستقرار وتشكيل المجتمعات خلال العصر الحجري الحديث:

تدجين النباتات

تدجين النباتات هو عملية اختيار الصفات المرغوبة من خلال زراعة أجيال متعاقبة من النباتات أو الحيوانات. مع مرور الوقت، يتطور النوع المدجن (المحلي) ليكتسب صفات مختلفة عن أصله البري.

دجّن المزارعون القدماء العديد من النباتات مثل القمح بجميع أنواعه، الشعير، العدس، الحمص، البازيلاء، والكتان. كما زُرعت أنواع أخرى في مناطق مختلفة مثل الذرة والأرز، وبهذا تختلف المحاصيل المزروعة في العصر الحجري الحديث من منطقة لأخرى.

تربية الحيوانات

في العصر الحجري الحديث، تم أيضًا تدجين الحيوانات للحصول على الصفات المرغوبة، حيث جلبت بعض الحيوانات من مناطق مختلفة عن الوسط الذي تعيش فيه الجماعات البشرية.

تشمل أنواع الحيوانات التي تم تدجينها خلال تلك الفترة:

  • حيوانات لإنتاج اللحوم: مثل الأغنام، الماشية، والخنازير.
  • حيوانات الجر: مثل الثيران، الحمير، والجمال.
  • كما تحملت الحيوانات بعض الأمراض المعدية التي انتقلت إلى البشر مثل: الجدري، الإنفلونزا، والحصبة.

أدوات العصر الحجري الحديث

خلال العصر الحجري الحديث، ابتكر البشر مجموعة من الأدوات الحجرية التي خدمت أنشطتهم اليومية، من خلال طحن وتلميع الصخور الصلبة بدلاً من تقطيع الصخور اللينة، مما جعل أدواتهم أكثر فائدة وديمومة.

استُخدمت هذه الأدوات في الزراعة، وتربية المواشي، والطبخ، بالإضافة إلى استخدامها كأسلحة بسيطة، وظهور بعض الحرف مثل الفخار والنسيج التي وفرت للبشر العديد من الأدوات الأخرى.

موصل ثورة العصر الحجري الحديث

أظهرت دراسات المؤرخين وعلماء الآثار أن ثورة العصر الحجري الحديث بدأت بشكل تدريجي من منطقة الهلال الخصيب في آسيا، ثم انتقلت إلى وسط أوروبا وشمال إفريقيا، ومن بعدها إلى إسبانيا. تأخرت هذه الثورة في الوصول إلى بريطانيا والدول الإسكندنافية، قبل أن تنتقل إلى الصين والمناطق المحيطة بها في شرق آسيا.

آثار ثورة العصر الحجري الحديث

شملت آثار العصر الحجري الحديث عدة جوانب، أهمها:

  • انشاء مستوطنات بشرية تعتمد على الزراعة.
  • التطورات في صناعة الأدوات المستخدمة، بما في ذلك أدوات الزراعة، الحرب، والفنون.
  • ساهمت التجارة والغزوات في تعزيز التقاء الحضارات البشرية.
  • مهدت الطريق لاستحداث العصر الحديدي والبرونزي.

عواقب ثورة العصر الحجري الحديث

أسفرت ثورة العصر الحجري الحديث عن عواقب متنوعة على البشر، تبرز أهمها فيما يلي:

  • نشوء عدم مساواة اجتماعية، نتيجة اعتماد الناس على الأرض في الزراعة، والخوف من الضغط المتزايد على الموارد النادرة في المستقبل.
  • تزايد الأمراض المعدية التي انتقلت من الحيوانات الأليفة إلى البشر.
  • تراجع مستوى التغذية بسبب زيادة عدد السكان.
Scroll to Top