الهوية المعمارية في مدينة الخليل
تُعتبر مدينة الخليل من المدن التي حافظت على استمرارية العمران والاستقرار البشري على مر العصور، رغم التحديات التي واجهتها من تدمير وتهجير، مما يبرز قدسيتها الفريدة. فيما يلي تفاصيل حول هويتها المعمارية المتميزة:
أول السكان في مدينة الخليل
تشير الدراسات الأثرية إلى أن الكنعانيين كانوا أول من استوطن المنطقة، وذلك من خلال تحليل خصائصها ومميزاتها وأسسها الهندسية والمواد الخام المستخدمة في البناء. أسس الكنعانيون العديد من المدن والقرى، بما في ذلك الخليل القديمة. ومن الجدير بالذكر أن بعض آثار تلك المدينة القديمة لا تزال موجودة، إلى جانب آثار من العصور الرومانية والبيزنطية والأموية والصليبية والمملوكية والعثمانية.
الأحياء والأسواق في مدينة الخليل
عند دراسة التخطيط العمراني للبلدة القديمة في الخليل، يمكن تقسيم الأحياء إلى مجموعة من الحارات، وهي: حارة القزازين، حارة السواكنة، حارة بني دار، حارة العقابة، حارة القلعة، حارة الحوشية، حارة المحتسبية، حارة مدرسة المعارف، حارة الأكراد، حارة اليهود، وحارة المشارقة. بالإضافة إلى بعض الأحياء المنفصلة عن البلدة القديمة، مثل حارة قيطون وحارة الشيخ علي بكا.
أما بالنسبة للأسواق، فتشمل: سوق البازار، سوق الخواجات، سوق الخضار، سوق الإسكافية، سوق اللبن، سوق المغاربة، وسوق القزازين.
أنماط المباني السكنية التقليدية في البلدة القديمة
تعود العديد من المباني السكنية في البلدة القديمة بالخليل إلى نهاية العصر المملوكي، حيث يشمل تصميمها الطبقة الأرضية التي تعود لتلك الفترة، بينما تتوزع بقية أجزاء المسكن بين العصر العثماني الذي استمر حتى عام 1917. وقد لعبت طبيعة المنطقة الجبلية دورًا في استخدام حجارة الكلس الصلبة في البناء، مما أضفى طابعًا يتميز بلونه الأبيض الجميل. كما تتميز المنازل في الخليل بقبابها التي تضفي جمالًا على الأفق، مع فناء واسع يحتوي على بئر للماء يحفظ مياه الأمطار.
تمتاز مداخل الأحواش بانخفاضها وقلة وجود الأبواب الكبيرة، وغالبًا ما تكون مظلمة وعميقة، حيث تنتهي في قاعة فضائية تُسمى “الفناء” أو “الصحن”، مع وجود صهريج للمياه في إحدى زواياها. في الداخل، يتم توزيع الوحدات السكنية حول الفناء، بالإضافة إلى وجود قاعة كبيرة تُستخدم لاستقبال الضيوف.
شهدت مساكن مدينة الخليل في العصر العثماني تزايدًا في الارتفاع، حيث تألف البيت من ثلاث طبقات: سفلى ووسطى، في كثير من الأحيان تتوج بطبقة علوية تُسمى “العلية” التي تعكس زيادة حجم الأسرة.
أسس التصميم للمباني السكنية في الخليل القديمة
تتشابه الأساليب التصميمية بين المباني السكنية الكبيرة التي تسكنها الطبقات الراقية والمباني الصغيرة للعامة، حيث تقوم على فكرة التوجه نحو الداخل والفصل بين الرجال والنساء. تتشدد العناصر المعمارية حول الفناء الداخلي، ما يسهل الحركة بين الأنشطة المختلفة. ولضمان الخصوصية، تم استخدام المدخل المنكسر كنقطة انتقالية من الشارع إلى الفناء، حيث تضم الطبقة الأرضية كذلك الغرف والمرافق العامة.
يعكس التصميم الداخلي للمنازل الخليجية التنوع في الارتفاعات واستخدام الفتحات العمودية والأرفف، مزينًا بالزخارف الهندسية والنباتية، مع استخدام الأرضيات الرخامية الجذابة.
البيت الخليلي العتيق
يماثل البيت الخليلي البيوت العربية والإسلامية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث يظهر فيه الأصالة والبساطة، مع الحفاظ على الخصوصية والروابط الأُسرية. وتتميز البيوت الخليلة بملامح معينة تشمل:
- تتداخل الكتل المعمارية مع بعضها، مما يؤدي لعدم الانفراد بكتلة معمارية مستقلة في البلدة القديمة.
- تنسجم البيوت فيما بينها، مما يعطي شعورًا بالتواضع والأخوة.
- يتكون البيت الخليلي عادة من طابقين رئيسيين فوق قاعات أو يواخير.
- يحتوي الطابق الأرضي على أنشطة تجارية ومهنية، مع توفير حماية من الفيضانات، ويتضمن “القاعة” التي تُستخدم لأغراض مختلفة.
- يمارس في الطابق الأول الأنشطة اليومية مثل للطهي والضيافة، بينما تُحاط الحجرات بالفناء الداخلي.
- الفناء هو نقطة محورية للتفاعل اليومي من غسيل وتخزين وإعداد الطعام.
- يحتوي البناء على عناصر أخرى مثل باب البئر ووزير الشرب.
- يضم البيت الخليلي مدخلًا واحدًا فقط.
- تُبنى البيوت بالحجارة وتُغطي بقباب حجرية.
مدينة الخليل
تقع مدينة الخليل في جنوب القدس، على بُعد حوالي 35 كيلومترًا من العاصمة، وتُعد من أكبر المدن الفلسطينية من حيث المساحة. يُعتقد أن المدينة سُميت نسبةً إلى إبراهيم الخليل (أبو الأنبياء)، حيث يُعتقد أنه عاش في منطقة الحرم الإبراهيمي. تشتهر الخليل بالتجارة والصناعة، لا سيما صناعة الزجاج، إلى جانب زراعة كروم العنب، وكانت تعرف سابقًا بقرية أربع نسبةً إلى ملك كنعاني يُدعى أربع.