إن الحياء هو سمة من السمات الحميدة التي تميز الفرد، فهو يعبر عن الحشمة والتعفف، ويتضمن فعل كل ما هو حسن وترك ما هو قبيح. يعتبر الحياء من الصفات اللازمة في النفس الإنسانية المحمودة، حيث إنه يُعتبر من زينة الإيمان ومكارم الأخلاق، وهو أحد الشعارات الأساسية للدين الإسلامي.
وقد ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن لكل دين خلقًا، وخلق الإسلام الحياء”. فقد أمر الله تعالى الإنسان بأن يتحلى ويتشبث بحياءه، واعتبره جزءًا من الإيمان.
نقاش حول الحياء وأهميته بين شخصين
نستعرض في ما يلي حوارًا بين أم وابنتها حول الحياء، أنواعه وأهميته.
الابنة: صباح الخير يا أمي.
الأم: صباح النور، كيف حالك اليوم؟
الابنة: زرت المكتبة اليوم للبحث عن كتاب يتناول موضوع الحياء، ولكنني لم أتمكن من العثور على أي شيء.
الأم: لا تقلقي يا عزيزتي، سأقوم بمساعدتك في هذا الموضوع.
الابنة: أود أن أبدأ بالتعرف على تعريف الحياء، إذا سمحت.
الأم: الحياء يعد من صفات المؤمن الصادق، وهو يعكس الحشمة والرغبة في الابتعاد عن التصرفات القبيحة. يُعرف بأنه “تغيُّر يعتري الإنسان بدافع الخوف من العيب أو الذم”، وغالبًا ما يظهر في تعابير وجهه.
وقد قال أبو حاتم: “إن المرء إذا اشتد حياؤه صان ودفن مساوئه وأظهر محاسنه”، وأحد الحكماء أشار إلى أهمية الحياء بقوله: “ينبغي للإنسان أن يستحي من ارتكاب القبيح، فلا إيمان لمن لا حياء له”.
ما هي أنواع الحياء وكيف يتم الحوار؟
الابنة: ما هي أنواع الحياء يا أمي؟
الأم: الحياء له نوعان رئيسيان؛ الأول هو الحياء الإيماني، حيث يمتنع المؤمن عن المعاصي خوفًا من عقاب الله. أما الثاني فهو الحياء النفسي الذي فطر الله عليه البشر، مثل الحياء من كشف العورات.
ينقسم الحياء أيضًا إلى ثلاثة أقسام: الأول هو حياء الفرد من الناس، كما قال حذيفة بن اليمان: “لا خير فيمن لا يستحي من الناس”. والثاني هو حياء الشخص من نفسه؛ حيث يمتنع عن ارتكاب الأفعال التي تضر بشرفه وكرامته. والأخير هو حياء الفرد من الله، فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “استح من الله كما تستحيي من ذوي الهيبة من قومك”.
الابنة: هل هناك فرق بين الحياء والخجل؟
الأم: نعم، هناك فرق. الحياء لا يغير هيئة الشخص، بينما الخجل يترك أثرًا واضحًا على الوجه نتيجة الارتباك. الخجل يُعتبر أيضًا نوعًا من الكسل وقلة الحركة في مسعى الحصول على الرزق، كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “إذا جعتنَّ وقعتنَّ، وإذا شبعتنَّ خجلتنَّ”.
الابنة: موضوع مثير للاهتمام، أيمكنني أن أسأل عن شيء آخر؟
الأم: بالطبع، يمكنكِ طرح أي سؤال.
الابنة: لما لا تخبريني عن ذكر الحياء في القرآن والسنة؟
الأم: بالتأكيد
قال الله تعالى في سورة الأعراف: “وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ”. وفي سورة القصص: “فَجَاءَتْ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا”.
أما في حديث النبي، فقال: “الإيمان بضع وسبعون شعبة، وأعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان”.
وقد علق أحد العلماء على ذلك بأن الحياء هو نوع من التحفيز للأداء الصحيح لبقية صفات الإيمان.
الابنة: شكرًا لك يا أمي، لقد استفدت كثيرًا من هذه المعلومات.
استنتاجات حول أهمية الحياء
- يعني الحياء الامتناع عن ارتكاب الأفعال المشينة أو القبيحة بدافع الخوف من العقاب والذم. هذا الامتناع يعكس دعوة للابتعاد عن المعاصي ويمثل فائدة كبيرة للنفس.
- الحياء يعد من الصفات الإيجابية التي يسعى كثيرون للحصول عليها.
- يعبر الكثيرون عن أن انعدام الحياء يمثل عيبًا ونقصًا كبيرًا.
- يعتبر الحياء تكملة للإيمان، مما يعكس أهميته الكبيرة.
- الشخص الذي يمتلك صفة الحياء يصبح عفيفًا بما أن هذه الصفة تحمل العديد من الفضائل.
- الحياء يزيد من الخير في النفس ويسبب وقارًا وهيبة للشخص.
- صاحب الحياء يتصف بدعوة للمعروف وينهي عن المنكر، مما يجلب له الأجر والثواب.
- يساهم الحياء في اكتساب المحبة والسكينة، سواء من الله أو من العباد.
- الحياء يساهم في حماية الشرف وتعزيز مكارم الأخلاق.
- إذا استحى العبد من الله، فالأمل في ستر الله يكون أكبر في الدنيا والآخرة.
أشكال وصور الحياء
- حياء الإجلال.
- حياء التقصير.
- حياء احتقار النفس.
- حياء العبودية.
- حياء المحبة.
- حياء الشرف.
مواضيع لا يجوز فيها الحياء
مع أهمية الحياء في حياتنا، يتعين علينا التغلب عليه في بعض الأمور مثل الاستفسار عن مسائل الدين والعلم، كما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتطلب الحياء، بل يجب أن نقدم الحياء من الله على الحياء من الآخرين.
وفيما يتعلق بمصافحة النساء، إذا مدت امرأة يدها لرجل، ينبغي عليه أن يرفض بأدب، حيث إن حياءه من الله يجب أن يتجاوز حياءه من رد السيدة.