القانون الدولي
يُعرف القانون الدولي بأنه مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الكيانات التي تمثل أشخاص القانون الدولي، مثل الدول المستقلة والمنظمات الدولية الحكومية، بالإضافة إلى أي جهة أخرى يمكنها امتلاك حقوق دولية، بغض النظر عن طبيعتها وتركيبها. يُعتبر الاتفاق بين الدول المصدر الأساسي لوجود القاعدة القانونية الدولية ولها قوتها الإلزامية، كما يرى الاتجاه الوضعي. سواء كان ذلك الاتفاق صريحًا من خلال المعاهدات أو ضمنيًا عبر العرف، يتم كذلك تصنيف مصادر القانون الدولي إلى فئتين: المصادر المنشئة، وهي المصادر المادية الحقيقية، والمصادر الشكلية التي تشمل المعاهدات والعرف الدولي.
ما هي المصادر المشتقة للقانون الدولي؟
أحكام المحاكم (القضاء)
تُعتبر الأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية مصدرًا استدلاليًا رئيسيًا، حيث إنها تمثل المصدر الاشتقاقي الأول للقانون الدولي العام. تشمل هذه المحاكم محكمة العدل الدولية، ومحكمة التحكيم الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، وتساعد في تحديد قواعد القانون الدولي العام. يُشير النص في المادة (59) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية إلى أن الحكم الصادر عن المحكمة يلتزم فقط الأطراف المعنية وحسب نطاق النزاع الذي تم الفصل فيه، مما يعني أنها لا تخلق قواعد قانونية، وإنما تهدف فقط إلى تطبيق القوانين الموجودة. لذلك، لا يمكن لمحكمة العدل الدولية الاستناد إلى أحكام قضائية سابقة سوى للاسترشاد بها في وجود القواعد القانونية.
دور المحاكم الوطنية كان له تأثير أيضًا في تطور بعض قواعد القانون الدولي، بما في ذلك تلك المتعلقة بالامتيازات الدبلوماسية والحصانات، بالإضافة إلى مبدأ الاعتراف بالدول. كما ساهمت القرارات الصادرة عن المحاكم الدولية في تأصيل العرف الدولي من خلال البحث عن العناصر المادية والمعنوية اللازمة لإحكامه.
الفقه
تنبني الآراء الفقهية على مجموعة من الأبحاث والدراسات التي تهدف إلى تفسير وتحليل وتصنيف القواعد القانونية. وقد اعتُبر الفقه في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بديلًا عن التشريع، حيث ساهم بشكل كبير في تطوير القانون الدولي من خلال وضع القواعد وإرساء النظريات. إلا أن تأثير الفقه تراجع في الفترة اللاحقة بسبب تأثر آراء العديد من الفقهاء بالنزاعات القومية والدوافع السياسية، مما جعل دور الفقهاء يتحول إلى مصدر استدلالي أو احتياطي فقط. وبالتالي، يمكن أن يُعتبر الفقه وسيلة لإثبات وجود أو عدم وجود قواعد القانون الدولي، وتفسيرها بناءً على وجهة نظر الفقيه. من بين الأسماء البارزة في الفقه القانوني الدولي العربي المسلم: محمد حسن الشيباني، ومن الفقهاء الغربيين: غروسيوس، وبفندوروف، وفاتل، وبلنشلي، وتريبل، وأوبنهايم وغيرهم.
مبادئ العدالة والإنصاف
تُعد مبادئ العدالة والإنصاف من المفاهيم التي يصعب تحديدها بدقة، نظرًا لمرونتها وتغيرها في سياقات زمانية ومكانية مختلفة. وتجسد العدالة والإنصاف في مجموعة من المبادئ التي تعكس العدل المجرد المستند إلى الطبيعة الإنسانية، وتمثل قيمًا مثالية يسعى المجتمع إلى تحقيقها واعتبارها جزءًا من القانون الطبيعي.
عندما تلجأ محكمة العدل الدولية إلى مبادئ العدالة والإنصاف، كما ورد في المادة (38) من نظامها الأساسي، فإنه يتطلب الأمر توافر شرطين: الأول هو القبول الصريح من أطراف النزاع بالتحكيم بناءً على مبادئ العدالة والإنصاف، والثاني هو حرية المحكمة في اتخاذ قرارها بناءً على هذه المبادئ، حتى في حال تمّ الاتفاق بين الأطراف.
مصادر القانون الدولي
تحددت مصادر القانون الدولي في نصين مهمين، الأول في المادة السابعة من اتفاقية لاهاي الثانية عشرة لعام 1907 المتعلقة بإنشاء المحكمة الدولية للغنائم، والثاني في المادة (38) من نظام المحكمة الدائمة للعدل الدولي في عام 1920، والتي تم تبنيها لاحقًا في المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، والذي يعد جزءًا من ميثاق الأمم المتحدة. وقد قام النص المذكور بتمييز المصادر وقاد إلى تقسيمها إلى الفئات التالية:
- المصادر الأصلية: وتشمل المعاهدات والعرف والمبادئ العامة للقانون.
- المصادر الاحتياطية أو الاستدلالية أو المشتقة: وهي تشمل القضاء والفقه ومبادئ العدالة والإنصاف.
القيمة القانونية للمصادر المشتقة للقانون الدولي العام
تحظى مصادر القانون الدولي، سواء كانت أصلية أو احتياطية، بقوة وقيمة قانونية. ويهدف ترتيب هذه المصادر كما ورد في المادة (38) أعلاه إلى تحديد أولويات الرجوع إليها عند استيضاح القاعدة القانونية الواجبة التطبيق.