اختلافات التغير والتغيير: فهم المعنيين

تشابه المصطلحات

تتردد العديد من المصطلحات المتشابهة في اللغة بشكل متكرر عبر وسائل الإعلام، الكتب، وأثناء المحادثات بين الأفراد. يظن الكثيرون أن هذه المصطلحات تحمل نفس المعنى، إلا أن علم اللغة العربية يؤكد أن تغييرات طفيفة في الكلمة قد تمنحها دلالات جديدة ومختلفة.

مع تزايد التحديات التي يواجهها العالم اليوم، والشعور بالظلم والاضطهاد لدى بعض الشعوب، ظهرت مجموعة من المصطلحات الجديدة، حيث تُستخدم للتعبير عن الأمل في تحقيق تغيير إيجابي يتناقض مع الوضع الحالي. ومن بين أبرز هذه المصطلحات نجد “التغيُّر” و”التغيير”.

الفرق بين التغيُّر والتغيير

يشير مصطلح “التغيُّر” إلى التحول المفاجئ في حالة شيء معين. يُعَدّ هذا التحول ملموساً ويمكن أن يحدث على كافة الأصعدة الحياتية، وكذلك للمخلوقات عبر ما يُعرف بالظواهر الكونية. بينما يُعبر “التغيير” عن التحول الممنهج المدروس الذي يتم التخطيط له بشكل مسبق بهدف تقليل المخاطر والسلبيات المحتملة التي قد تطرأ نتيجة هذا التحول.

في العصر الحالي، ومع التغيرات العميقة التي طرأت على جميع الجوانب الإنسانية، تتزايد الحاجة الملحة إلى التحكم في عمليات التحول العالمية لتحقيق نتائج تتماشى مع تطلعات القوى المؤثرة. إذ أن أي تحول مفاجئ قد يضر بمصالح تلك القوى.

لذا، أصبحت العلوم الإنسانية تجذب انتباه الكثيرين، لما لها من تأثير كبير في عمليات التغيير الممنهجة خاصةً في النواحي الأخلاقية، مما حفز الرغبة في تطويرها وتعزيزها بشتى الوسائل المتاحة.

مقاومة التغيُّر وأهمية التغيير

كثيراً ما تفشل التحولات المفاجئة في إحداث تغييرات نوعية على مختلف الأصعدة لأسباب عدة، مما يستدعي ضرورة وجود “التغيير”. وحتى يتحقق التغيير على أكمل وجه، يجب أن يكون لدى العاملين من أجل التغيير معرفة واضحة بأهدافهم ومصيرهم، مع توفر رغبة كاملة في ذلك.

بعد ذلك، يتوجب على المعنيين بإحداث التغيير إشراك الآخرين الذين يُحتمل أن يسهموا في هذه العملية بكافة تفاصيلها. كما يجب تجنب الكذب، حيث إن الأكاذيب تؤدي إلى تكوّن الشائعات وتعيق تحقيق الأهداف المطلوبة.

كما يستلزم التغيير وجود خطة واضحة. فلا يمكن البدء في عملية التغيير دون استشراف المستقبل والتخطيط له مع الأخذ في الاعتبار جميع المتغيرات والعوامل التي قد تؤثر على سير العملية. ومن الطبيعي كذلك توقع وجود عقبات، خاصة من أصحاب المصالح الذين يرتاحون للوضع القائم حالياً. لذا يجب على الساعين لإحداث التغيير أن يكونوا يقظين حيال هذه التحديات، وأن يمتلكوا بصيرة ورؤية بعيدة المدى، إضافة إلى معرفة تامة بمتطلبات النجاح والضعف الذي يحتاج إلى جهد مضاعف.

التغيُّر والتغيير الاجتماعي

يوجد اختلاف بين التغيُّر الاجتماعي والتغيير الاجتماعي، والذي يتمثل فيما يلي:

التغيُر الاجتماعي

يمكن تعريف التغيُّر الاجتماعي بأنه التحوّل الذي يحدث في التركيبة الاجتماعية، مثل زيادة أو نقصان عدد الأفراد في مجتمع معين. كما يُعرَف التغيُر الاجتماعي بأنه مجموعة الاختلافات التي قد تطرأ على الظواهر الاجتماعية نتيجة لعوامل خارجية خلال فترة زمنية محددة.

يعتبر التغيُر الاجتماعي انتقالاً للمجتمع من حالة إلى أخرى، ولا يُشترط أن يكون هذا الانتقال تطورًا، فقد يكون أيضًا انحدارًا. وقد يحدث هذا التحول لأغراض الحفاظ على تماسك النظام الاجتماعي أو مجموعة العادات والتقاليد والقيم المتبعة في المجتمع.

التغيير الاجتماعي

هو التحول الذي ينبع من ضرورة إحداث تغيير معين في بيئة اجتماعية معينة أو في أحد جوانبها، مما يؤدي في النهاية إلى تحقيق تغييرات واضحة تطابق الأهداف المرجوة بشكل كبير.

قد يلعب فرد معين أو مجموعة من الأفراد دورًا فعّالاً في إحداث التغيير المنشود والتخطيط له، إلا أن الفرد وحده لا يمكنه القيام بالجزء الأكبر من المهام. ولذلك، فإن أي عملية تغيير، خاصةً التغيير الاجتماعي، تتطلب دائمًا تضافر الجهود لتحقيق النتائج المرجوة.

Scroll to Top