أنواع القلقلة في القرآن الكريم
تُعرَّف القلقلة في اللغة على أنها الاضطراب والتحريك، بينما يتناولها علماء التجويد كاضطراب يحدث في مخرج الحرف، مما يؤدي إلى إصدار صوت قوي واهتزاز ملحوظ. يعود سبب هذه النبرة القوية في حروف القلقلة إلى طبيعة تلك الحروف، التي تتسم بالشدة والجهر.
الشدة تُحبس جريان الصوت، بينما الجهر يمنع تدفق النفس. ولا يتم الجهر إلا إذا تم إسماع الآخرين، فإذا اكتفى القارئ بإسماع نفسه فإن ذلك لا يعتبر أداءً صحيحًا للقلقلة أو الجهر، مما قد يوقعه في اللحن الخفي في القراءة، وهو بذلك آثم إن لم يتعلم ويتقن التجويد بشكل صحيح.
تصنيف القلقلة في القرآن الكريم
قام علماء التجويد بتصنيف القلقلة إلى ثلاثة أنواع استنادًا إلى قوة الحرف أثناء النطق، وهي: القلقلة الكبرى، والقَلْقلة الكبيرة، والقلقلة الصغرى. كما أوضح الشيخ أيمن سويد في هذا التقسيم الذي يمكن شرحه كما يلي:
- القلقلة الكبرى
تظهر القلقلة الكبرى عندما يكون الحرف مُتطرفًا ومُشدَّدًا ويتم الوقف عليه، وهو ما يعد من أوضح أنواع القلقلة، مثل: (لحُبِّ)، (الحقُّ)، (تبَّ)، (الجبِّ)، (الحجُّ).
- القلقلة الكبيرة
تظهر القلقلة الكبيرة عندما يكون الحرف متطرفًا ومتحركًا ويتم الوقف عليه، وهنا تكون القلقلة أقل وضوحًا من النوع الأول، مثل: (الموعودِ)، (مشهودٍ)، (الأخدودِ)، (الوقودِ)، (الحميدِ)، (الحريقِ)، (مُحيطٌ).
- القلقلة الصغرى
هذه هي أدنى درجات القلقلة، وتظهر حينما يكون الحرف ساكنًا في وسط الكلمة أو في نهايتها، مثل: (خلقْنا)، (قطْمير)، (عبْدًا)، (واجْتباه)، (يدْخلون)، (هبْ)، (ادْخلوا)، (بطْش)، (يبْدئ)، (حبْل)، (تحبطْ)، (خبْرًا)، (أدْراك)، (النجْم)، (تبْلى)، (إقْرأ)، (ليطْغى)، (يبْتغون)، (شطْئه)، (يبْخل)، (يستبْدل)، (تدْعوا)، (أعتدْنا)، (انطلقْتم)، (قبْل)، (تقْدروا)، (تبْديلا)، (يعذبْه)، (الهدْي)، (أجْرا)، (تجْهروا).
وفي هذا التصنيف، ذكر الشيخ إبراهيم شحاتة في كتابه “التُّحْفَة السمنودية في تجويد الكلمات القرآنية”:
قلقلة قطب جد وقربت
:::لفتح مخرجٍ على الأولى ثبت
كبيرة حيث لدى الوقف أتت
:::أكبر حيث عند وقف شددت
حروف القلقلة
تتكون حروف القلقلة من خمسة أحرف وهي: (ق، ط، ب، ج، د)، وقد جمعها الإمام ابن الجزري في عبارة (قطب جد). وتُعتبر حرف الطاء هو الأقوى بين حروف القلقلة، يتبعها الجيم ثم باقي الحروف. وعندما تكون حروف القلقلة ساكنة في وسط الكلمة أو في نهايتها، تقلق القلقلة، مثل: (خلقْنا)، (قطْمير)، (عبْدًا)، (واجْتباه)، (يدْخلون).
كما يمكن أن يكون الحرف متطرفًا في نهاية الكلمة متحركًا ويتم الوقف عليه، مثل: (الحريقَ)، (محيطٌ)، (قريبٌ)، أو مشدَّدًا حين يُسكن عند الوقف عليه. تكون القلقلة أشد وضوحًا عندما يكون الحرف مشدَّدًا وتم الوقف عليه، كما في: (الحقُّ)، (تبَّ)، (الجبِّ)، (الحجُّ).
كيفية النطق بالقلقلة
تعددت آراء العلماء حول كيفية النطق بالقلقلة، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
- يُذكر أن بعض العلماء يرون أن النطق بالقلقلة يكون دائمًا أقرب إلى الفتح.
- هناك قول آخر ينص على أن حرف القلقلة الساكن يتبع الحرف الذي قبله. إذا كان الحرف الأخير مكسورًا، يُكسر هو ليتماشى معه، كقول: (اقرأ)، (قِطْمير)، (يعذِّبْه)، وإن كان مفتوحًا فُتح الحرف، مثل: (يَدْخلون)، (بَطْش)، (حَبْل)، وإن كان مضمومًا ضُم، كمثل: (تُبْلى)، (خُبْرًا)، (يُبْدئ). ومع ذلك، فإن هذا القول يعتبر مرجوحًا حسب بعض أهل العلم.
أمثلة على الأخطاء الشائعة في نطق القلقلة
يوجد العديد من الأشخاص الذين يرتكبون أخطاء واضحة عند نطقهم بالقلقلة، وتتضمن بعض هذه الأخطاء:
- اختلاط صوت القلقلة مع الحركات الأخرى مثل الفتحة أو الكسرة أو الضمة.
يحدث هذا نتيجة للخلط بين الحالة الساكنة للحرف، وذلك يؤدي إلى تغيير في معنى الكلمة. وقد انتشر كسر حروف القلقلة في نطق الكثير من الناس، كما في الكلمات مثل: (قدْ)، (يبْدئ)، (سبْحان)، حيث يقوم القارئ بإخراج حرف القلقلة بين السكون والكسرة.
- ختام صوت القلقلة بهمزة واضحة، وتكون تلك الهمزة شديدة ومجهورة، مثال: (الفلق)، (يعيد).
- تمديد وتمطيط صوت القلقلة لزمن يتجاوز الحد المطلوب.
- غياب جزء واضح من القلقلة عند وجود حرف ساكن قبلها أو بعدها، مثل: (القدْر)، (فسْق).
- التهاون في إظهار القلقلة بقوة وبكامل صلابتها.
وبخاصة إذا تواجد حرفان متتاليان من حروف القلقلة داخل نفس الكلمة، خاصة إذا كان الأول ساكنًا سكونًا أصليًا والثاني مُسكن بسبب الوقف، مثل: (رطْبٍ).