تفسير قوله: “لا تتبع ما ليس لديك به علم”

لقد أُنزل القرآن الكريم بكامله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم لتحقيق موعظة أو نصيحة أو هدف هام، وكل آية قرآنية تحمل معانٍ واضحة. فلا يوجد للقرآن الكريم مثيل في عظمته وبلاغته وقوة معانيه وثراء كلماته.

ستتناول هذه المقالة تفسير الآية “ولا تقف ما ليس لك به علم” من وجهة نظر العديد من العلماء، فتابعونا.

تفسير آية: ولا تقف ما ليس لك به علم

تعددت آراء السلف الصالح في تفسير هذه الآية العظيمة، والتي وردت في سورة الإسراء. فقد قال بعض السلف إن المراد هو أن الإنسان يجب ألا يتحدث عن غيره من دون معرفة كافية ودراية. بينما أشار ابن الحنفية إلى أن المقصود من الآية هو امتناع الإنسان عن الشهادة الزور. ورجح آخرون أن الآية تدعو إلى عدم تتبع الأخبار عن الناس بدافع الحسد أو الظن السيئ.

التفسير الميسر:

“ولا تتبع -أيها الإنسان- ما لا تعلم، بل عليك أن تتأكد وتتحقق. إن الإنسان مسئول عن ما يفعله بأذناؤه وعقله، فمن استعملها في الخير نال الثواب، ومن أساء استخدامها في الشر نال العقاب.”

يركز التفسير الميسر على ضرورة التحقق من المعلومات قبل اتباعها أو الاعتقاد فيها، لأن الله سيحاسب الناس على كيفية استخدامهم لحواسهم وعقولهم.

المختصر في التفسير:

“ولا تتبع -يا ابن آدم- ما ليس لك به علم، فلا تذر الظنون والهواجس تحكم عليك. إن الإنسان مسؤول عما استخدمه من سمع وبصر وقلب من خير أو شر، فيثاب على الخير, ويعاقب على الشر.”

يوضح هذا التفسير أن الآية تشير إلى ضرورة عدم اتباع الشكوك والظنون، وأن الإنسان مسؤول عن كل استخدام لحواسه وعقله.

تفسير الجلالين:

“«ولا تقفُ» تتبع «ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد» القلب «كل أولئك كان عنه مسؤولاً» صاحبه ماذا فعل به.”

يقدم تفسير الجلالين فهمًا مختصرًا، مشيرًا إلى ضرورة الامتناع عن اتباع ما لا علم للإنسان به، وأنه سيكون مسؤولاً عن حواسه وعقله.

تفسير السعدي:

  • “أي: ولا تتبع ما ليس لك به علم، بل تثبت في كل ما تقوله وتفعله، فلا تظن أن ذلك يمر بلا حساب. {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}
    • فمن الواجب على العبد الذي يدرك أنه مسؤول عن أقواله وأفعاله، أن يعد جوابًا لما سيفتتح به يوم القيامة، وذلك لا يتأتى إلا بالعمل بنية صادقة والإخلاص في العبودية لله، وكف الأذى عن ما يكره الله جل وعلا.”
  • تركز تفسير السعدي على أهمية التحقق والتأكد في القول والفعل، وأن الإنسان سيحاسب على استخدام حواسه.

تفسير البغوي:

“ولا تقف ما ليس لك به علم” قال قتادة: لا تقل: رأيت ما لم تر، وسمعت ما لم تسمع، وعلمت ما لم تعلم. وقال مجاهد: لا ترم أحدًا بما ليس لك به علم.

ينقل تفسير البغوي عن علماء السلف أن المقصود نهي عن الكلام بدون علم أو اعتمادًا على الظنون، مما يبرز مسؤولية الفرد عن كل ادعاء أو فعل يقوم به.

تفسير ابن كثير:

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: “لا تقل رأيت وأنت لم تر، وسمعت وأنت لم تسمع، وعلمت وأنت لم تعلم”. وقال العوفي عنه: “لا ترم أحداً بما ليس لك به علم”. وفي الحديث: “إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث.”

يبيّن تفسير ابن كثير أن الآية تحذر من الحديث أو الادعاء بأمور غير مؤكدة، مشددًا على خطورة الظن الخاطئ.

تفسير القرطبي:

“ولا تقف ما ليس لك به علم”: أي لا تتبع ما لا تعلم ولا يعنيك. قال قتادة: لا تقل رأيت وما لم تر، وسمعت وما لم تسمع، وعلمت وما لم تعلم. وقال مجاهد: لا تذم أحدًا بما ليس لك به علم.

يشرح القرطبي الآية بأنها تؤكد على ضرورة عدم الادعاء والتحدث في الأمور التي لا يعلمها الإنسان، مشيراً إلى أهمية الدقة والمسؤولية في الأقوال والأفعال.

إعراب آية: ولا تقف ما ليس لك به علم

  • ما: اسم موصول مبني على نصب المفعول.
  • ليس: فعل ماضي من الأفعال الناقصة.
  • لك: اللام حرف جر، والكاف ضمير مبني على الجر.
  • به: الباء حرف جر، والهاء ضمير مبني على الجر.
  • علم: اسم ليس مرفوع بالضمة.

الدروس المستفادة من آية: ولا تقف ما ليس لك به علم

يشير الشيخ الشعراوي إلى عظمة هذه الآية في أنها تبرز الكيفية التي تُنظم بها حياة البشر أجمعين، وهي مسألة ضرورة العلم بالشيء.

فلا يمكن أن نصل إلى حياة مثالية وراقية دون أن تتوج بالعلم، إذ إن العلم هو ما يرفع وعي الإنسان وشعوره ومسؤوليته في الحياة.

العلم المشار إليه في هذه الآية هو العلم المطلق بصفة عامة، وليس العلم الديني بصورة خاصة، مما يوضح حب الله تعالى للعلم والمتعلمين ودوره في منع الغيبة والنميمة وتعزيز الفكر، وإزالة الحقد والتخلف من النفوس.

تفسير مركز الفتوى لآية: ولا تقف ما ليس لك به علم

  • يُعتبر أن تلك الآية تحث الإنسان على عدم الفضول في أمور لا تعنيه.
  • وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم التداخل في الأمور الخاصة بالآخرين، سواء كان ذلك في أمور المأكل، أو المشرب، أو النوم، أو غيرها من جوانب حياتهم.
  • كما أن الحديث في تلك الأمور إذا لم يكن مصدراً للضرر، قد يؤدي إلى ضياع الوقت.
  • ويمكن أن ينطبق هذا التفسير أيضًا على فضول الطعام، حيث قد يؤدي إلى مخاطر كبيرة. فقد ذُكر أن فضول الطعام يمكن أن يؤدي إلى موت القلب.
  • وينطبق الأمر أيضًا على فضول النظر، إذ أمرنا الله تعالى بغض البصر عن المحرمات، فالذي يسترسل في نظره يحرم البصر الصحيح.

التفسير الإجمالي للآية

في هذه الآية، يحذر الله سبحانه وتعالى الإنسان من اتباع ما ليس لديه علم فيه أو يقين. ينهى الله عن الاعتماد على الظن أو التخمين أو نقل ما لا يستند إلى حقائق مثبتة، سواء كان ذلك في الأقوال أو الأفعال. يتضمن هذا التحذير أهمية التحقق قبل اتخاذ الأحكام بشأن الأمور.

التفسير التحليلي للآية

  • “وَلا تَقْفُ”: أصلها من الفعل “قفا”، أي تتبع أو تسير وراء شيء والمعنى هنا هو النهي عن تتبع ما لا علم للإنسان به.
  • “مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ”: يشير إلى الأمور التي لا يمتلك الإنسان فيها يقينًا واضحًا، سواء كانت معلومات أو أحكام.
  • “إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ”: الله يوضّح هنا أن الحواس الأساسية التي يعتمد عليها الإنسان، مثل السمع والبصر والعقل، ستكون محل حساب يوم القيامة عن كيفية استخدامها.
  • “كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا”: يُشير إلى مسؤولية الإنسان عن كل ما يراه أو يسمعه، لذا من الواجب التأكد من الحقائق قبل الانخراط فيها أو نشرها.
Scroll to Top