التمييز بين الفرض والواجب في الشريعة الإسلامية
يوجد اختلاف بين الفقهاء في تحديد ما إذا كان الحكم في الشريعة الإسلامية يُصنّف كفرض أو كواجب. يمكن تقسيم هذا الاختلاف إلى عدة نقاط رئيسية كما يلي:
الاختلاف من حيث الإنكار
يعكس الفرض والواجب اختلافاً أساسياً في حكم الإنكار. إذا أنكر الشخص فرضاً، يُعتبر كافراً لأنه ينكر ما يجب عليه الاعتقاد بفرضه بشكل قاطع. أما من ينكر واجباً من الواجبات الدينية، فلا يُعتَبَر كافراً، إذ أن الأدلة المتعلقة بالواجب لا تتطلب الإيمان بها بنفس القدر. وكمثال توضيحي، فإن إنكار فرضية الصلاة يُعتبر كفراً؛ إذ أن الصلاة واجبة على المسلم ويجب عليه الإيمان بفرضيتها وضرورة أدائها. بينما إنكار وجوب صلاة الوتر لا يُعد كفراً، رغم أنها واجب ينبغي الالتزام به. يُذكر أن هذا التفريق يتعلق بالمدرسة الحنفية فقط، بينما ترى غالبية الفقهاء عدم اختلاف في حكم إنكار الفرض والواجب.
الاختلاف من حيث ترك العمل
يتعين على المسلم أداء الفرائض وعدم التهاون بها، كما الحال مع الواجبات. يترك الشخص الذي يمتنع عن أداء الفريضة بدون عذر في حالة يعتبر فيها فاسقاً. بالمثل، فإن ترك أداء الواجب يتسبب أيضاً في كونه فاسقاً إذا كان هذا الترك ناتجاً عن تهاون أو استخفاف.
الاختلاف من حيث القطعية
بالنسبة لجمهور الفقهاء، تُعتبر مصطلحات الفرض والواجب مترادفة في الشريعة، رغم أنها تحمل معاني مختلفة في اللغة العربية. يشير كلاهما إلى ما يتطلبه الشرع من الأعمال، سواء استند ذلك إلى القرآن الكريم أو السنة النبوية أو الإجماع أو القياس، فهي أمور فرضها الله على عباده. بناءً على ذلك، يُعتبر ما تم إثباته وجوبه بالشرع فرضاً يتعين على المسلمين الالتزام به.
تستند آراء جمهور العلماء إلى استخدام المعاني اللغوية والشرعية لكل من الفرض والواجب. في الدلالة اللغوية، يُعرف الفرض بأنه شيء مقدّر والواجب بأنه ثابت. ويكون المسلم ملزماً بكل من المقدّر والثابت، وبالتالي لا يوجد فرق بينهما من حيث الالتزام الشرعي. ويُشمل هذا أيضاً الأركان الأساسية للإسلام وكافة ما يوجبه الله على عباده، مثل الصلاة التي تُعتبر واجبة على كل مسلم، وكذلك الطهارة لأداء الصلاة.
بينما يختلف وجه النظر عند الحنفية وإمام أحمد بن حنبل في بعض الروايات؛ حيث يرون أن الفرض هو ما ثبت بدليل قطعي من القرآن والسنة المتواترة، بينما يُعتبر الواجب ما أثبت بدليل ظني مثل حديث الآحاد. فمثلاً، يُعتبر فرض الزكاة ثابتاً بدليل قطعي من القرآن الكريم، بينما زكاة الفطر تُعتبر واجباً لأنها ثبتت بحديث آحاد. كما أن بعض أتباع الإمام أحمد قاموا بالتفريق بين الفرض والواجب اعتماداً على مصدر الدليل، حيث اعتبروا أن الفرض ما ثبت من القرآن، والواجب ما ثبت من السنة.
أنواع الواجب
ينقسم الواجب إلى عدة أقسام وفق اعتبارات مختلفة، وهذه الأقسام كالتالي:
- أقسام الواجب من حيث الوقت: يُقسم إلى واجب مؤقت وواجب مطلق. الواجب المؤقت هو الذي حدده الله في زمن معين، ويجب أن يتم أداؤه في ذلك الزمان، مثل أوقات الصلاة. بينما الواجب المطلق لا يتقيد بوقت معين ويجب أداؤه بشكل عام، مثل كفارة النذر.
- أقسام الواجب من حيث المكلّف: وهي واجب عيني وواجب كفائي. الواجب العيني هو ما أوجبه الله على كل مسلم بصورة فردية ولا يمكن إغفاله، كالصلاة. أما الواجب الكفائي، فهو ما فرضه الله على الأمة الإسلامية ككل، وفي حال أداء البعض لهذا الواجب، يسقط عن الآخرين.
- أقسام الواجب من حيث ذات الفعل: وهي واجب مخيّر وواجب مرتّب. الواجب المرتب يتطلب ترتيباً محدداً في كيفية الأداء، مثل الوضوء، بينما الواجب المخيّر يمنح المكلّف خيارات، كما هو الحال في كفارة اليمين.
- أقسام الواجب من حيث المقدار: فهناك واجب محدّد وواجب غير محدّد. الواجب المحدد هو الذي يحدد له الشرع مقداراً أو مدة معينة، بينما الواجب غير المحدد ليس له مقدار معين، كما في حالة الاطمئنان أثناء السجود.