الفكاهة والمرح في الأدب العربي القديم

المزاح والمرح في الأدب العربي القديم

يمتاز المزاح والمرح بمكانة بارزة في الأدب العربي، فالتسلية تعتبر جزءًا أساسيًا من تلطيف النفس، وقد أولى الأدباء اهتمامًا كبيرًا بهذا النوع من الأدب مثلما فعلوا مع أشكال الفنون الأخرى. لكن المزاح والمرح في الأدب العربي لم يكن لهما فقط هدف إضحاك الجمهور، بل كانا وسيلتين لتقويم السلوكيات الأخلاقية وتعزيز التقاليد المرغوبة في المجتمعات؛ إذ كانت المجتمعات تسعى للالتزام بالأعراف والتقاليد تجنبًا للتندر والانتقادات من قبل القصاصين.

ميزات أدب المزاح والمرح في القص العربي

يتسم أدب المزاح والمرح بالخصائص التالية:

  • خفة الظل والمرح.
  • ذكاء الفكاهي، مما يساعده على ابتكار الحيل وإيجاد الحلول المبتكرة.
  • رؤية ثاقبة ومهارة فطرية لدى الفكاهي؛ مما يجعل أسلوبه خفيفًا وممتعًا دون شعور بالتكلّف.

المؤلفات العربية التي تُعنى بالمزاح والمرح

برزت في التراث العربي شخصيات فكاهية بحد ذاتها، مثل: أبو دلامة، أشعب، أبو العبر، وجحا. كما خصص الأدباء مؤلفات خاصة تناولت قصص ونوادر البخلاء والأغبياء وغيرهم ممن تنطبق عليهم صفات الهزل والمزاح. ومن هذه الأعمال:

  • “البخلاء” للجاحظ.
  • “المُوشَّى” (الظَّرف والظُّرفاء) لأبي الطيب محمد بن إسحاق الوشاء.
  • “لطائف اللطف” لأبي منصور الثعالبي.
  • “أخبار الحمقى والمغفلين وأخبار الظُّراف والمتماجنين” لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي.
  • “التطفيل وحكايات الطفيليين” للخطيب البغدادي.

أنواع المزاح والمرح

تعددت أساليب المزاح والمرح في الأدب العربي، حيث يمكن أن تكون رقيقة أو فظة. وتتضمن الأنواع التالية:

  • الظرف

يعتمد الظرف على خلفية ذهنية واسعة وخبرات حياتية متراكمة، أكثر من اعتماده على المواقف التي تحدث عفويًا، فهو يُحدث ضحكًا مفاجئًا مقارنةً بالفكاهة التي تهدف إلى الابتسامة الهادئة.

  • التهكّم

يميل القاص عند التهكم إلى إبراز الضعف الإنساني وتضخيمه لجعله موقفًا كوميديًا، ويسعى المتهكم إلى معالجة السخافات من خلال إضحاك الجمهور.

  • السخرية

تعتبر السخرية أكثر حدة من التهكم، حيث تُستخدم لغة لاذعة للتعبير عن النقد.

  • الفكاهة التهكمية

تبدو ظاهريًا كمديح أو حديث عادي، لكن بداخلها تتمثل نقدًا ساخراً، وغالبًا ما تُستخدم لعرض الواقع بطريقة تخفف من أثره.

  • المحاكاة التهكمية والسخرية

تهتم بتفسير لغة الشخصية المستهدفة بطريقة غير تقليدية لإنتاج موقف ساخر.

  • المحاكاة

تعتمد على تقليد عادات وحركات أو حديث الشخصية المستهدفة لإظهارها بشكل مضحك.

أمثلة على المزاح والمرح

كما تتضمن بعض الأمثلة على المزاح والمرح الآتي:

  • قال أبو الحسن: قال رجل لجحا: “سمعت صراخًا من داركم”، فأجاب: “سقط قميصي من فوق”. فسأله الرجل: “وإذا سقط من فوق؟”، فقال: “يا أحمق، لو كنت فيه، أليس كنت قد وقعت معه؟”
  • توفي جار لجحا، فأرسل إلى الحفار ليقوم بالحفر، وحدث نقاش بينهما حول الأجر، فذهب جحا إلى السوق واشترى خشبة بدرهمين وأحضرها، وقال: “إن الحفار لا يحفر بأقل من خمسة دراهم، وقد اشترينا هذه الخشبة بدرهمين، لنصلب عليها ونحقق ربح ثلاثة دراهم، ونقيه من ضغطة القبر ومسألة منكر ونكير.”
  • جاء غلام إلى خالد بن صفوان بطبق خوخ (إمّا كهدية، وإمّا أن غلامه جاء به من البستان)، فلما وضعه بين يديه قال: “لو لم أعلم أنك أكلت منه لأطعمتك واحدة”.
Scroll to Top