ينظر الإسلام إلى البيئة على أنها جزء أساسي من الحياة، ويحث على الحفاظ عليها وجعلها نظيفة وجميلة. إن هذا الأمر يعود بالنفع على الفرد والمجتمع، ويعكس حق البيئة في الإسلام. لذا، دعونا نكتشف هذا الحق من خلال موقع مقال maqall.net.
حق البيئة في الإسلام
تفرد الدين الإسلامي بعنائه الكبير للبيئة ومحافظة عليها، حيث يسعى دوماً لضمان سلامتها وجمالها وحمايتها من الأذى، وذلك ضمن نظرة متعمقة لهذا الكون الذي أبدعه الله تعالى.
الدعوة إلى النظافة العامة
- يدعو الإسلام إلى الحفاظ على نظافة المنازل، حيث أن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) أكد على أهمية أداء الصلاة في البيوت، مما يستلزم تجنب الأوساخ والنجاسات.
- ويؤكد ذلك ما جاء عن سمرة بن جندب (رضي الله عنه)، حيث قال: “أمرنا رسول الله أن نتخذ المساجد في ديارنا، وأمرنا أن ننظفها”.
- كما أن الشريعة نهت عن التبول في أماكن الاستحمام، وحذرت من قضاء الحاجة في الأماكن العامة. هذه النصوص تعكس بوضوح أهمية الحفاظ على بيئة نظيفة خالية من القاذورات.
الحث على الزراعة
- يشجع الإسلام على غرس الأشجار وزراعة الأرض، كما جاء في حديث أنس بن مالك: “ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة”.
- كما أوصى الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالزراعة حتى عند قيام الساعة، مما يدل على حرص الإسلام على المحافظة على البيئة وعلى إحياء الأرض الفارغة.
- تظهر هذه الممارسات كيف أن المبادئ الإسلامية كانت حامية لجمال البيئة ونظافتها عبر العصور.
الموازنة بين النمو الحضاري والمحافظة على البيئة
- يحث الإسلام على التوازن بين التطور المدني وحماية البيئة، حيث عندما أسس النبي (صلى الله عليه وسلم) سوق المدينة المنورة، خصص مكاناً خارج السوق لذبح الأضاحي، مما يساعد في الحفاظ على نظافة المدينة.
- هذا التصرف يعكس حرص الرسول الكريم على سلامة البيئة المحلية وتجنب التلوث.
- أيضاً، الفقيه البغدادي بن أبي الربيع قام بوضع شروط لاختيار المدن، وركز على أهمية وفرة المياه وجودة الهواء، وهو ما أكده الفقيه ابن الأزرق في قرون لاحقة.
قواعد الحفاظ على البيئة في الإسلام
استنبط علماء الدين المسلمين عدة قواعد فقهية من القرآن الكريم والسنة النبوية بهدف مواجهة مشكلات البيئة المحلية والدولية. وفيما يلي هذه القواعد:
- إزالة الضرر: استنادًا إلى حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) “لا ضرر ولا ضرار”، فلكل فرد الحرية ما لم تضر تصرفاته الآخرين أو البيئة.
- درء المفاسد مقدم على جلب المنافع: يحظر استنزاف الموارد البيئية لمصلحة شخصية إن كان ذلك يضر بالمكون البيئي.
- إزالة الضرر بقدر الإمكان: يجب على المسؤولين منع أي ضرر يحيط بالبيئة ومكوناتها.
- لا يتم إزالة الضرر بضرر مثله: إذا أدت إزالة ضرر ما إلى ضرر أكبر، يجب على المسؤولين تجنب الحلول السيئة.
- إزالة الضرر الأشد بالأخف: تطبق هذه القاعدة عند تعارض مصالح البيئة ومصالح الأفراد.
- الموازنة بين المصالح: عند تعارض المصالح، ينطبق قانون الأولويات.
- ما جاز لعذر بطل بزواله: إذا تم السماح بأمر لعذرٍ ما، فسوف يصبح ذلك الأمر غير جائز عند زوال العذر.
- ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام: كل ما يسبب ضررًا للناس يعد غير مقبول ويجب إزالته.
- ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب: إذا كان إصدار قانون لتقليل التلوث ضروريًا، فإنه يصبح واجبًا.
- الحفاظ على المكونات الأساسية للبيئة: الماء، الهواء، الغذاء والتربة هي عناصر محورية يجب حمايتها.
مظاهر المحافظة على البيئة في الإسلام
النهي عن الإسراف والتبذير
الإسلام يحث على منع الإسراف في استخدام الموارد الطبيعية والمالية، عبر توجيهات دينية تدعو إلى الاعتدال والتوفير والتقليل من الهدر في استهلاك الماء والطعام والطاقة.
ذكر الله تعالى في محكم تنزيله: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا)، ويقول أيضًا: (وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ).
النهي عن تلويث البيئة
- يحث الإسلام على تجنب تلويث البيئة ويدعو لعدم رمي النفايات في الأماكن العامة أو المساهمة في أي شكل من أشكال التلوث، سواء كان ناتجًا عن انبعاثات صناعية أو نفايات سامة.
- روى الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: “إياكم والجلوس في الطرقات” وعندما قالوا له: “يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا”، قال: “إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه”.
الحث على تنمية البيئة
يدعو الإسلام إلى تنمية البيئة والاعتناء بها من خلال تشجيع الزراعة والغرس والحفاظ على المساحات الخضراء والتنوع البيولوجي.
- روي الإمام البخاري عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: “ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة”.
- كما قالأنس بن مالك (رضي الله عنه): “إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها”.
تتناول العديد من الآيات والأحاديث النبوية تلك المسألة، ومنها:
- قال تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ} (سورة الأعراف: 56).
- وقال تعالى: {وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ} (سورة البقرة: 211).
- قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} (سورة البقرة: 30).
- قال تعالى: {وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ} (سورة لقمان: 19).
- عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: “لا ضرر ولا ضرار” حديث حسن رواه ابن ماجة.
- وقال عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: “إن الله جميل يحب الجمال” رواه مسلم.