كيفية هلاك قوم فرعون بأمر من الله

كيف أهلك الله قوم فرعون

كان إهلاك الله -تعالى- لفرعون وجنوده عن طريق الغرق، إذ أذن فرعون لموسى -عليه السلام- ومن معه بالخروج من مصر. ومع ذلك، نقض فرعون عهده، فتبع موسى وفريقه بجنوده ساعيًا لقتلهم. ولم يكن يعلم فرعون وجنوده أن الله -تعالى- أخرجهم ليلاقوا مصيرهم المحتوم. وبعد عبور موسى -عليه السلام- البحر، تبعهم فرعون وقومه، فأطبق الله -تعالى- عليهم البحر وأغرقهم. عندها أدرك فرعون وأيقن بقدرة الله -تعالى- وبما آمنت به بني إسرائيل.

كان سبب هلاكهم هو تكذيبهم لرسالة الإيمان التي جاء بها موسى -عليه السلام- من ربه، وابتكارهم الأعذار للكفر والشرك. قال -تعالى-: (فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ). وهذه هي سنة الله -تعالى- في الأمم؛ فهو لا يهلك قومًا حتى يرسل لهم رسولًا يبين لهم ويُنذرهم. كما ورد في قوله -تعالى-: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا). فيما يلي تفاصيل قصة غرق فرعون وقومه:

  • خروج موسى -عليه السلام- وقومه من مصر: جاء خروجهم بعد أن تمادى أقباط مصر في كفرهم وعنادهم. فقد أقام النبي موسى -عليه السلام- الحُجج والبراهين، ولم يؤمن معه سوى عدد قليل. وعندما بدأوا بالتآمر عليهم، أُشير على موسى بالخروج من مصر. وأمرهم الله ببناء بيوتٍ مختلفة عن بيوت آل فرعون لإقامة الصلاة والاستعداد للخروج.

وأمر الله -تعالى- موسى -عليه السلام- بالتوكل عليه والصبر على دعوة فرعون، كما دعا موسى على فرعون وجنوده قائلًا -تعالى-: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ). عندها أوحى الله -تعالى- إلى موسى -عليه السلام- بالخروج مع الذين آمنوا من بني إسرائيل، وتبعهم فرعون بجنوده وصولاً إلى البحر.

  • إدراك فرعون لموسى -عليه السلام- وعاقبته بالغرق: حينما أدرك أصحاب موسى أن فرعون سيلحق بهم، اجتاحتهم مشاعر القلق والضيق. فوجه الله -تعالى- موسى -عليه السلام- لضرب البحر بعصاه، فانبثقت منه اثنا عشر طريقًا. لكن فرعون أراد اللحاق بهم، وفي هذه الأثناء، أوحى الله -تعالى- لموسى أن يبقي الأمور كما هي.

بعد دخول فرعون ورفاقه إلى البحر، أمر الله -تعالى- موسى أن يضرب البحر بعصاه. وحينما فعل ذلك، تغرق فرعون ومن معه. قال -تعالى-: (وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ* ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ). وعندما أدرك فرعون عاقبة الغرق، حاول التوبة لله، إلا أن الله -تعالى- ذكر: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ* فَلَمْ يَكُ يُنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ، وخسر هناك الكافرون).

  • استجابة الله لدعاء موسى، وتخليده كعبرة للناس: بذلك استجاب الله -تعالى- لدعوة موسى -عليه السلام- على فرعون وجنوده، وأنجى الله -تعالى- جسد فرعون ليكون آيةً لمن بعده. وطفا جثمان فرعون على سطح الماء، بينما قام المصريون بتحنيطه، فقد جعله الله -تعالى- عبرةً للغافلين.

توبة فرعون

على الرغم من إغراق الله -تعالى- لفرعون، إلا أنه قبل موته حاول التوبة والرجوع إلى الله -تعالى-، لكن القرآن الكريم نفى عن هذه التوبة القبول، حيث قال -تعالى-: (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ). وقد أوضح النبي -عليه الصلاة والسلام- عدم قبول توبة الإنسان أثناء الاحتضار، حيث قال: (إنَّ اللهَ يقبلُ توبةَ العبدِ ما لم يُغرغرُ). ولهذه الأسباب لم تُقبل توبة فرعون لكونها جاءت بعد أن أدرك الموت.

دعوة موسى عليه السلام لفرعون

بعث الله -تعالى- موسى -عليه السلام- إلى فرعون لدعوته إلى عقيدة التوحيد، وإخلاص العبادة، والإيمان باليوم الآخر، وهي الأسس التي دعا إليها جميع الأنبياء. وتميز أسلوبه بالرفق واللّين، حيث ناداه بالاسم ليبطل ادعاءه الربوبية، وعرفه برسالته المقدسة مدعومًا بالأدلة. لكن قوم فرعون بدأوا باستغلال الباطل وتزييف الحق خوفًا على مصالحهم، كما استخف فرعون وقومه بدعوة موسى -عليه السلام- والمعجزات التي جاء بها.

Scroll to Top