دعوة لرعاية الأيتام
حث الإسلام الآباء على الاعتناء بأبنائهم وتربيتهم حتى يشتد عودهم ويصلوا إلى سن الرشد، حيث تصبح لديهم القدرة على تحمل المسؤوليات. في حالة فقدان الأب أو وفاته، تنتقل أعباء مسؤوليتهم إلى الأقرباء ثم إلى المجتمع ككل. وقد جاءت العديد من النصوص التي توصي بتشجيع كفالة الأيتام، كما ورد في قوله -تعالى-: “وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ”، وقوله أيضاً: “فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ”.
رعاية الأيتام في الإسلام
يشير مفهوم اليتيم في الإسلام إلى الشخص الذي فقد والده في مراحل طفولته. وتتضمن كفالته تحميل المسؤوليات تجاهه والإحسان إليه ورعاية مصالحه حتى يصل إلى سن البلوغ أو الزواج، بحسب نوعه، سواء كان ذكراً أو أنثى. وقد شدد الإسلام على أهمية الرعاية الشاملة لليتيم حتى يكتمل نضجه، مع توضيح حقوق الولاية التي تُلقى على عاتق الأقرباء مثل الجد أو الأخ لتوفير التعليم والعناية الصحية والتنمية الشخصية، مما يساعده على الشعور بالتماثل مع أقرانه. يُعتبر كفالة اليتيم مهمة تتجاوز مجرد تلبية الاحتياجات الأساسية من طعام وشراب، فهي تشمل تربيته في بيئة تحتضنه كما يُعامل أبناء الكافل. وهذا يُعد أرقى أنواع الكفالة كما كان يمارس في العصور الأولى للإسلام. ويمكن أيضاً تقديم الدعم المالي للدور التي تعتني بالأيتام، مما يكون كفيلاً بتلبية احتياجاتهم الأساسية، ويحصل من يقدم ذلك على أجر مماثل لجوار النبي -عليه الصلاة والسلام- في الجنة، حيث قال: “أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا” وبيّن ذلك بإصبعيه السبابة والوسطى.
تمتد كفالة اليتيم حتى يصل إلى سن الرشد، حيث يصبح قادراً على إدارة شؤونه المالية والشخصية. كما توضح الآيات القرآنية أهمية العلاقات القريبة والحميمة بين الكافل واليتيم، حيث قال -عز وجل-: “وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ”. ما يشير إلى ضرورة الربط الروحي والعاطفي بينهما، مما يسهم في تعزيز الاتصال والشعور بالانتماء للطفل اليتيم.
أهمية رعاية الأيتام
أولى الإسلام اهتماماً خاصاً باليتيم، وعدّ رعايته من الأعمال النبيلة التي تُدخل الأجر العظيم في ميزان الحسنات. فالرعاية تُعتبر تعويضاً للطفل اليتيم عن فقدان حب وحنان والده، وهو اختبار من الله -تعالى- ليعرف من يقوم برعاية هؤلاء اليتامى. كما يُعد تكفل الأيتام نوعاً من تعزيز روح التضامن الاجتماعي، حيث يُعتبر المجتمع ككل مسؤولاً عنهم كتعويضٍ عن فقدانهم للوالد. ويجب عدم السماح لتعرض الأيتام للذل أو الإهانة، بل ينبغي على جميع الأفراد تقديم الدعم لهم بالحنان والرعاية، وذلك لحمايتهم من الشعور بالوحدة الناتج عن اليتم. ولقد حذر الله -تعالى- بشدة من أكل أموال الأيتام بغير حق، حيث قال: “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا” .
تُعتبر كفالة اليتيم من الأعمال الراقية التي وردت كثراً في القرآن والسنة. وقد أوضح النبي -عليه الصلاة والسلام- فضلها بقوله: “أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا”. إن الكافل يحقق الخير في الدنيا والآخرة، ويساهم ذلك في خلق الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع ويقيهم من مشاعر الحقد والكراهية.