وأقسموا بالله جهد أيمانهم، وهي الآية رقم 109 من سورة الأنعام حيث وردت كلمة الله تعالى ﴿ وَأَقْسَموا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُم آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا، قُلْ إِنَّمَا الآيَات عِندَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
فيما يلي، سوف نستعرض تفسير الآية “وأقسموا بالله جهد أيمانهم” عبر موقع مقال maqall.net.
تفسير: وأقسموا بالله جهد أيمانهم
في كتاب الحاوي لتفسير القرآن الكريم
- كان في السابق يُعتبر سبّ الأوثان أمرًا جائزًا لدى المشركين، إلا أن الله تعالى نهى المؤمنين عن ذلك.
- فذلك قد يؤدي إلى دفع المشركين إلى سب الله تعالى.
- تفسير عبارة (وَأَقْسَموا): يتناول القسم الذي أطلقه المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
- أما (بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ): فهي تدل على أن قسمهم كان شديدًا وعميقًا لتأكيده.
- فيما يخص (لَئِنْ جَاءَتْهُم آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا): تشير إلى وجود العديد من البينات التي تدل على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وبالرغم من تلك الأدلة، إلا أنهم ظلوا متعنتين ولم يجيبوا.
- تفسير (قُلْ إِنَّمَا الآيَات عِندَ اللَّهِ): يعني أنه يتوجب عليهم أن يسألوا الله بشأن الآيات، ولكن حتى بالنظر إليها، لا يؤمنون.
- وأما (وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ): هنا يبرز الله تعالى أنهم حتى حينما تأتيهم البينات، فهم بموضع الرفض.
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي
- ﴿وأقسموا بالله جهد أيمانهم﴾ تشير إلى أن قسمهم كان مفرطًا.
- ﴿لئِنْ جَاءَتْهُم آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا﴾، وقد ذكرت عند نزول: ﴿إن نشأ ننزل عليهم﴾ حيث كان المشركون قد أقسموا بالله بإيمانهم.
- لكن الله تعالى على دراية بأنهم لن يؤمنوا، حتى لو جاءت العلامة مرة أخرى.
- وأرسل الله سبحانه وتعالى الآية التي تقول ﴿قلْ إِنَّمَا الآيَات عِندَ اللَّهِ﴾، فتأكيدًا على أن الله وحده القادر على إظهار الأدلة.
- ﴿وما يُشعِرُكُم﴾ تعني ما يُعلمكم بالإيمان، حيث لا يؤمنون حتى بوجود البينات.
- فقد ذكر الله تعالى: ﴿إنها إذا جاءت لا يؤمنون﴾، وفي حالة قراءتها بفتح الألف، تأخذ معنى آخر وهو “لعلها”.
البغوي في كتاب معالم التنزيل
- أما قوله تعالى: ﴿وأقسموا بالله جهد أيمانهم﴾، فقد روى محمد بن كعب والكلبي أن قريشًا قالت: “يا محمد تقول إن موسى عليه السلام كان معه عصا تضرب الحجر فينفجر منه إثنا عشر عينًا”.
- وأخبرتهم أن عيسى عليه السلام كان يحيا الموتى، فقالوا: “أعطنا من الآيات حتى نصدقك”.
- فرد رسول الله صلوات الله عليه: “ماذا تفضلون؟”.
- فقالوا: “اجعل لنا الصفا ذهبًا وأرسل لنا بعض موتانا لنستفسر منهم، هل ما تقوله حق أم باطل، وأرنا الملائكة تشهد لك”.
- فرد عليهم رسول الله: “إن فعلت بعض ما تقولون، هل ستصدقونني؟”، فقالوا: “نعم، والله لئن فعلت لنتبعنك جميعًا”.
- وسأل المسلمون الرسول عن نزول الآيات، فقام رسول الله يدعو الله أن يجعل الصفا ذهبًا.
- فأرسل الله جبريل، فقال له: “ما تريد، إن شئت أصبح ذهبًا ولكن إن لم يصّدقوا، سأعذّبهم، وإن شئت تركتهم كى يتوبوا”.
- فقال رسول الله: “بل يتوب تائبهم”.
- كما قال الكلبي ومقاتل: “عندما يقسم الرجل بالله، فهو جهد يمينه”.
- ﴿لئِنْ جاءَتْهمْ آيَةٌ﴾، أي على غرار ما بعث الله للأمم من دلائل وأدلة سابقة.
- ﴿لَيؤْمِننَّ بِهَا قُلْ﴾، يستجيب الله سبحانه وتعالى إلى رسول الله.
- ﴿إنما الآيات عند الله﴾، مما يؤكد أن الله وحده قادر على إنزال أدلة.
- ﴿وما يُشعِرُكم﴾، ما يُعلمكم، وهناك اختلاف فيمن المخاطب.
- فقال البعض: الآية موجهة للمشركين المعنيين باليمين، ومنهم من قال إن الآية موجهة للمؤمنين.
- وقال الله: ﴿إنها إذا جاءت لا يؤمنون﴾. وقد أوضح البعض أن ذلك يتجه للمشركين، كما أقر ابن كثير وأهل البصرة.
تفسير القرطبي
- قول الله تعالى (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها) يتضمّن تفسيرات متعددة.
- الأول: يا حلفوا يمينًا، إذ يُفهم أن (جهد أيمانهم) تشير إلى لديهم معتقدات مبينة على المعرفة والقدرة.
- إذ اتخذوا الله، الإله الأكبر، وأن الأصنام مجرد وسيلة للقرب منه.
- كما جاء في كتاب الله: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).
- كانوا يستخدمون أيمان آبائهم الأصنام التي يعبدونها.
- ثم قال الله تعالى: (قل إنما الآيات عند الله) وهي توجيه من الله للنبي محمد.
- (وما يُشعِركم) تعني ما يُعلمكم، إذ تم حذف المفعول.
- ثم يذكر الله: (إنها إذا جاءت لا يؤمنون) بفتح حرف إن وهناك قراءة أخرى تتختص بالكسر.
- وفي قراءة عن ابن مسعود (وما يُشعِركم إذا جاءت لا يؤمنون).
- قال مجاهد وابن زيد: الآية تتحدث عن المشركين الذين حُكِمَ عليهم بأنهم لن يؤمنوا حتى في وجود الدلائل.
- وقال الفراء: الآية موجهة للمؤمنين، حيث تساءل الكثر منهم إن كانت العلامات ستؤدي إلى إيمانهم.
تفسير الطبري
- دعونا نفهم (وأقسموا بالله جهد أيمانهم): حلف هؤلاء المشركون بأقصى قدرتهم على القسم.
- (لئن جاءتهم) تعني أنهم قد حلفوا بأنهم سيصدقون برسالة محمد إذا جاءتهم علامة.
- مثل العلامات التي جاءت للأمم من قبلهم.
- (ليؤمنن بها) تُظهر عزمهم على الإقرار بالحق.
- فالله يوجه إلى النبي محمد صلوات الله عليه: (قل إنما الآيات عند الله)، وهو القادر فقط على إظهار الأدلة.
- (وما يُشعِركم) يشير إلى ما يُعلمهم أن العلامات لو جاؤوا، سيفشلون في الإيمان.
- وكأن القوم فقدوا أملهم في الإيمان رغم الدلائل المتكررة.
تفسير الجلالين
- (وَأَقْسَموا) تشير إلى حلف كفار مكة، (بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ) وهو دلالة على شدة القسم الذي أقسموا به.
- (لَئِنْ جَاءَتْهُم آيَةٌ) تشير إلى العلامة المطلوبة من النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- (لَيُؤْمِننَّ بِهَا) تعني بإمكانهم الإيمان، ولكن الله يستدرك: ﴿قُلْ إِنَّمَا الْآيَات عِندَ اللَّهِ﴾، صحيح أن الله وحده من ينزل الآيات، والرسول دلالة لرسالة الهدى.
- (وَمَا يُشعِركم) المكتسب من إيمانهم، ليس لكم أي علم بهذا.
- ورد الله بالحكمة: “حتى هم لا يؤمنون عندما تظهر العلامات”.
- في بعض القراءات، تشير إلى الكفار، بينما في الأخرى، تفتح الألف للدلالة على الاحتمال.
التفسير في كتاب الدر المنثور
- كما ورد في رواية ابن أبي شيبة وغيرهم: سأل كفار قريش النبي محمد صلى الله عليه وسلم لتحقيق آية، وطلبوا منه أن يحلف لهم.
- ورد مجاهد وفق حديثه: (وما يُشعِركم) هنا تعني ما يُعلمكم عن احتمالية إيمانهم.
- والخليل بن أحمد قال: إن كانت تعني “لعلها”، أي أنهم يتحسسون لما يوجه لهم، معتبرين أن ما يُقال مشروط.
ولا تفوتوا قراءة مقالنا حول: