الفروق بين الموازنة والميزانية في المفهوم
تعريف الموازنة
تُعرّف الموازنة على أنها وثيقة تتضمن توقعات الحكومة للإيرادات والنفقات للعام المقبل، استنادًا إلى مجموع الأموال المتاحة. ولا تدخل الموازنة حيز التنفيذ إلا بعد المصادقة عليها من قبل السلطة المعنية. وتجدر الإشارة إلى أن مصطلح “موازنة” اشتُق من كلمة فرنسية (bougette) تعني الحقيبة الصغيرة، وقد تحولت في الإنجليزية إلى (budget) التي تشير إلى محتويات هذه الحقيبة.
تأتي تسمية الموازنة وفقًا للمستندات المالية التي يحملها وزير المالية في حقيبته، وتتكون الموازنة من عنصرين أساسيين: الإيرادات والنفقات، حيث يختلف كل منهما عن الآخر إلا أنهما يؤثران في بعضها البعض. وفيما يلي تفصيل لهذين العنصرين:
- الإيرادات: تشير إلى الأموال المكتسبة، وغالبًا ما تُموّل نفقات الحكومة من الإيرادات المتحققة. زيادة الإيرادات عن المتوقع يمكن أن تفضي إلى الحفاظ على مستوى الإنفاق أو زيادة.
- النفقات: تعبر عن الأموال المدفوعة، وتعتمد خطط النفقات على الإيرادات المُتوقعة، حيث أن الانخفاض في الإيرادات عن المتوقع قد يؤدي إلى تقليص النفقات مما قد يسبب عجزًا في الموازنة.
تعريف الميزانية
تُعرف الميزانية، أو الميزانية العمومية، بأنها وثيقة مالية تعكس حالة جهة معينة خلال فترة زمنية محددة. وعادةً ما تُعد الميزانية في الربع الأول من السنة أو بعد مرور ستة أشهر، أو مرة واحدة في العام. وتتكون الميزانية من ثلاثة عناصر رئيسية: الممتلكات، الالتزامات، ورأس المال. وتعتبر الممتلكات والالتزامات النقطتين الرئيسيتين في الميزانية، ويمكن تعريفها كما يلي:
- الممتلكات: تُشير إلى الأصول المملوكة من قبل الشركة، وتنقسم إلى ممتلكات متداولة وغير متداولة.
- الالتزامات: هي الديون المستحقة على الشركة، وتنقسم إلى التزامات متداولة وطويلة الأمد.
يمكن التعبير عن الممتلكات من خلال المعادلة التالية: الممتلكات = الالتزامات + رأس المال المملوك. يُشير مصطلح رأس المال المملوك إلى ملكية فرد لشركة معينة، بينما يُستخدم مصطلح حقوق المساهمين عند وجود عدة أسهم مملوكة من قبل أفراد متعددين، ويُعتبر أيضًا قيمة دفترية للشركة.
الفروق بحسب القطاع
الموازنة العامة في القطاع العام
تُلزم الأنظمة الديمقراطية الحكومات بإعداد الموازنة العامة بموجب القانون. فالموازنة العامة لا تقتصر على تسجيل المعلومات فقط، بل يحظر صرف أي نفقات قبل اعتمادها من السلطات المعنية، ولا يمكن تجاوز المبالغ المصرح بها. وبهذا، تسهم الموازنة في مساعدة جميع أنواع المؤسسات على تخطيط وإدارة عملياتها، بالإضافة إلى دعم الاستراتيجيات الإدارية.
تشكل الموازنة العامة خططًا مالية توضح الإيرادات والنفقات والعجز والديون والفوائض المالية، كما تؤكد كيفية تخطيط الحكومة لاستخدام الموارد العامة لتحقيق أهداف سياسية. ويقوم الجهاز التنفيذي بإعداد الموازنة وتقديمها للجهاز التشريعي لإقرارها أو تعديلها، وبعد ذلك تُعتمد كقانون رسمي قبل بداية السنة المالية المحددة بفترة زمنية قصيرة.
الميزانية العمومية في القطاع الخاص
تعد الميزانية العمومية في القطاع الخاص إحدى الوسائل المستخدمة من قبل المحاسبين وأصحاب الأعمال لتلخيص ودراسة المعاملات المالية، وغالبًا ما يطلق عليها بيان المركز المالي. وتشمل بيانات المحاسبة التي تُستخدم لحساب البيانات المالية ما يلي:
- قائمة الدخل.
- قائمة الدخل الشامل.
- قائمة التدفقات النقدية.
- قائمة حقوق المساهمين.
الفروق بحسب نوع الأداة
الموازنة كأداة تخطيط استراتيجي
تمثل الموازنة نهاية عملية التخطيط الاستراتيجي، حيث يتم توزيع الموارد لبدء العمل الحكومي. من المهم التنويه إلى أنه لا يُمكن التخطيط لبعض المشاريع لمدّة عام واحد فقط، حيث قد تستغرق بعض المشاريع عدة سنوات للتنفيذ. يتم وضع الميزانية في إطار زمني متوسط، لضمان إمكانية تقدير تكاليف الأنشطة المعلنة وأثرها على الموازنة في السنوات القادمة.
تتضمن عملية إعداد الموازنة عدة خطوات، منها:
- تحديد الأهداف المُراد تحقيقها حسب الأولوية.
- مراجعة إجمالي الموارد المالية وغير المالية المتاحة الحكومة.
- مراجعة المدخلات والعمليات المطلوبة لتحقيق الأهداف المخططة، مع تخصيص ميزانية للطوارئ لمواجهة الحالات مفاجئة.
الميزانية كأداة للإدارة المالية
توضح الميزانية سير المعاملات المالية للمؤسسة خلال فترة معينة، وتعتبر وسيلة لمقارنة وتقييم البيانات المالية للأعوام السابقة. ويمكن استخدام هذه المقارنات لاستنتاج مدى نجاح أو فشل الإدارة المالية، ويمكن أن تعكس مقارنة الميزانيات العمومية الحالة المالية للمؤسسة مع مرور الوقت.
الفروق حسب الأهداف والغايات
أهداف إعداد الموازنة
تشمل الأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال إعداد الموازنة ما يلي:
- تحويل الخطط الطويلة الأمد إلى برامج عمل سنوية.
- تعزيز التعاون بين الأقسام المختلفة لتحقيق أهداف المنظمة ومحاسبة الأفراد المعنيين بالنتائج.
- تنسيق الجهود بين إدارات المنظمة لضمان التوافق ومنع المدراء من تفضيل مصالحهم الشخصية على مصلحة المؤسسة.
أهداف إعداد الميزانية
تهدف الميزانية إلى تعزيز تبادل المعلومات بين الأفراد، بالإضافة إلى تقديم ملخص عن ممتلكات الشركة وما تدين به للآخرين. تعتبر الميزانية أداة مساعدة في اتخاذ العديد من القرارات المستقبلية، ويعد من بين البيانات المالية الشائعة الميزانية العمومية، قائمة الدخل، وبيان التدفقات النقدية.
الفروق من حيث آلية الإعداد
آلية إعداد الموازنة
تحرص الحكومات على إعداد الموازنات بشكل سنوي، حيث تحتوي على جميع المعلومات اللازمة حول الموارد الضرورية لتحقيق أهداف الحكومة للعام. وتُعبر مراحل إعداد الموازنة عن الخطوات التالية:
- مرحلة إعداد الموازنة.
- مرحلة إقرار الموازنة.
- مرحلة التنفيذ.
- مرحلة إعداد التقارير.
بعد الموافقة، يُسمح لأعضاء البرلمان بطرح الأسئلة على الوزراء بهدف الحصول على توضيحات دقيقة حول الميزانية الجديدة. وعند بدء المرحلة الجديدة، يتم تحويل المبالغ المستحقة لكل دائرة حكومية، وتقوم الدوائر الحكومية بإعداد بيانات دورية للمقارنة بين التوقعات والواقع وإجراء التعديلات اللازمة عند الحاجة.
تستمر عملية جمع ومراجعة الإيرادات والنفقات للسنة الماضية تحت إشراف الهيئات المعنية، حيث يتم تدقيق البيانات المالية خارجيا من قبل جهة مستقلة. يُشدد على أهمية متابعة الإنجازات ومقارنة التكاليف مع ما تم إنفاقه خلال العام، ويُذكر أن دورة الميزانية تغطي ثلاث سنوات مالية: الميزانية السابقة، الميزانية الحالية، والميزانية القادمة المزمع إعدادها.
آلية إعداد الميزانية
يمكن اتباع الخطوات التالية لتطبيق عملية إعداد الميزانية:
- تسجيل الممتلكات بشكل مفصّل، وتصنيفها إلى ممتلكات حالية وثابتة وأخرى، وحساب القيمة الإجمالية.
- إعداد قسم الالتزامات، وتدوين الديون المستحقة وترتيبها حسب تواريخ السداد، مع حساب إجمالي الالتزامات.
- لحساب صافي قيمة الممتلكات، يمكن استخدام المعادلة التالية: الممتلكات = الالتزامات + صافي الثروة.
الفروق بحسب مؤشرات الأداء وآليات التحليل
مؤشرات الأداء وآلية تحليل وثيقة الموازنة
تتضمن الموازنة بعض العناصر غير المالية مثل عدد الموظفين وحجم الإنتاج. عادة ما تتم مراقبة التقدم عبر مقارنة التكلفة الفعلية للعناصر مع تلك التي تم إدراجها في الموازنة. تحدد الحكومات التقديرات الإجمالية للإيرادات والنفقات المتوقعة استنادًا إلى النمو الاقتصادي المحتمل والتغيرات في سعر الصرف وعوامل أخرى. وبعد ذلك، تصدر الحكومات بيانًا تمهيديًا يتضمن مؤشرات ميزانية السنة المالية التالية.
تعتمد بعض الحكومات، بما في ذلك الحكومة المصرية، على البيانات المقدمة من وزارة المالية لوضع الموازنة. حيث تُرسل الموازنات المعتمدة من الوزارات إلى الجهات المعنية، والتي تقوم بدورها بدمجها في ميزانية الوزارة ذات العلاقة ثم إحالتها إلى وزارة المالية. بعدها، تبدأ السلطة التنفيذية بتطبيق القرارات المحددة في الميزانية، ويتعين على وزارة المالية تلبيئة الاحتياجات المالية للوزارات الأخرى بشكل شهري.
تتولى الوزارات المختصة مسؤولية دفع رواتب الموظفين وشراء السلع، ومن المهم أن تحتفظ هذه الهيئات بسجلات مالية مفصلة. يمكن تعديل الموازنة من قِبل السلطة التنفيذية إذا لزم الأمر بسبب احتمالية سوء تقدير الميزانية.
مؤشرات الأداء وآلية تحليل وثيقة الميزانية
يتم تحليل الميزانية إلى عدة أقسام تسهل إدارة الأعمال لدى الشركات، ويعد تحليل الميزانية أداة لإدارة العمل واتخاذ قرارات مستنيرة. يمكن حساب أربعة نسب مالية من الميزانية العمومية كما يلي:
- النسبة الحالية: تشير هذه النسبة إلى القوة المالية للشركة وقدرتها على سداد دينها، ويمكن تعزيزها عن طريق زيادة الأصول المتداولة أو تقليل الالتزامات. تُحسب كالتالي:
- النسبة الحالية = إجمالي الأصول المتداولة / إجمالي الالتزامات المتداولة.
- النسبة السريعة: تُعدّ هذه النسبة قياسًا لسيولة الشركة، وتشير إلى مدى قدرة الشركة على تغطية الالتزامات في ظروف غير متوقعة. تُحتسب كالتالي:
- النسبة السريعة = [(الأصول المتداولة – البضائع) / الالتزامات المتداولة].
- رأس المال المتداول: يجب أن تحرص الشركات على أن تبقى قيمة رأس المال المتداول إيجابية، مما يساعدها على تجاوز التحديات المحتملة. يُعبر عنه بالعلاقة التالية:
- رأس المال المتداول = إجمالي الأصول المتداولة – إجمالي الالتزامات المتداولة.
- نسبة الديون إلى حقوق الملكية: تُظهر هذه النسبة اعتماد الشركة على التمويل بالديون مقارنة بحقوق الملكية، وتحسب كالتالي:
- نسبة الديون إلى حقوق الملكية = إجمالي الالتزامات / حقوق المساهمين.
الفروق من حيث الحقائق والمميزات
حقائق ومميزات الموازنة
تتضمن الموازنة العديد من الميزات والحقائق، ومن أبرزها ما يلي:
- تُستخدم الموازنة من قبل الحكومات والشركات والأفراد لتوقع الإيرادات والنفقات على مدى فترة زمنية مستقبلية.
- تعتبر الموازنة ضرورية لضمان الكفاءة العالية في العمليات التجارية.
- يساهم إعداد الموازنة في نجاح المشاريع المالية.
- يفيد وضع الموازنة في تحديد الأهداف ومراقبة النتائج والجاهزية لمواجهة الطوارئ.
حقائق ومميزات الميزانية
تتضمن الميزانية مجموعة من الميزات والحقائق، ومن أبرزها ما يلي:
- تستخدم الميزانية كأداة رئيسية للمستثمرين لقياس قدرة الشركة وفهم عملياتها، حيث توضح جميع الحسابات للمدة المحددة.
- تمثل الميزانية مؤشرًا للاستقرار المالي للشركة وقدرتها على تمويل نفسها، فضلاً عن كفاءتها التشغيلية.
- يساهم إعداد الميزانية في إنجاح الاستثمارات، نظرًا لأنها توفّر رؤية شاملة عن ممتلكات الشركة والديون المستحقة عليها، مما يستدعي على المستثمرين فهم تحليل الميزانية العمومية.
- تُقدم الميزانية معلومات قيمة للأطراف المعنية حول الديون المستحقة، التي قد تؤثر على القدرة على الحصول على القروض من البنوك. من بين المستفيدين الرئيسيين هم: المستثمرين الحاليين والمحتملين، إدارة الشركة، العملاء، المنافسين، والهيئات الحكومية.
- عادةً ما تُقسم الميزانية العمومية إلى ثلاثة أقسام: الممتلكات، الالتزامات، وحقوق الملكية.