دراسة حول ظاهرة الكهرباء الساكنة

تعريف الكهرباء الساكنة

تعتبر الكهرباء الساكنة (بالإنجليزية: Static electricity) نوعًا من أنواع الكهرباء التي يمكن ملاحظتها عندما تتجمع الشحنات على الأسطح الخارجية للأجسام، دون حركتها أو تدفقها، وهو ما يُفسّر تسميتها “ساكنة”. ويظهر هذا النوع من الكهرباء بشكل واضح من خلال انتقال الشحنات السالبة (الإلكترونات) من جسم إلى آخر، مما يؤدي إلى تنافر أو تجاذب الأجسام بناءً على شحناتها.

يمكن وصف الكهرباء الساكنة أنها نتاج لفقدان توازن الإلكترونات المحيطة بأنوية الذرات المكونة للجسم. فالإلكترونات تمتاز بشحنتها السلبية، وهي سهلة الحركة، وعندما يفقد الجسم الإلكترونات تصبح شحنته موجبة، بينما تكتسب الشحنة السالبة عند اكتساب الإلكترونات.

تاريخ ونظريات الكهرباء الساكنة

تعود معرفة الكهرباء لدى الحضارة اليونانية إلى حوالي 600 ق.م، حيث عُثر على أعمال لطاليس تشير إلى قدرة الكهرمان على جذب أجسام صغيرة بعد فركه. كما أشار ثاوفرسطس في عام 300 ق.م إلى وجود ظواهر مماثلة، لكنه لم يقدم أي تفسير علمي لتلك الظواهر.

في عام 1600م، بدأ ويليام جيلبرت دراسة الظواهر المرتبطة بالكهرباء الساكنة، ليصبح أول من استخدم مصطلح “الكهرباء”. وقد توصل إلى فهم الفروق الجوهرية بين المغناطيسية والكهرباء. ثم جاء بنجامين فرانكلين الذي أثبت أن البرق يشكل عملية تفريغ للكهرباء الساكنة.

استند فرانكلين في تجاربه إلى قضيب الكهرمان وقضيب الزجاج، ولاحظ تولد شحنات مختلفة على كل منهما بعد فركهما، فافترض أن قضيب الكهرمان يحمل شحنة سالبة بينما يحمل قضيب الزجاج شحنة موجبة. كما قام بتطوير نظرية السائل الوحيد، التي تُعتبر مرجعًا في علم الفيزياء، رغم أن صحتها ليست كاملة.

طرق توليد الكهرباء الساكنة

تتعدد الطرق التي يمكن من خلالها توليد الكهرباء الساكنة، التي تدور حول مبدأ تبادل الشحنات الكهربائية بين جسمين مما يؤدي إلى شحن أحدهما بشحنة سالبة والآخر بشحنة موجبة. وفيما يلي أبرز هذه الطرق:

طريقة الدلك

تعتمد طريقة الدلك (بالإنجليزية: Friction) على فرك مادتين عازلتين معًا بشكل متكرر، مما يؤدي إلى إنتاج شحنات ساكنة على أسطح المواد. مثال على ذلك هو فرك البالون بالشعر وما ينتج عن ذلك من قدرة على الالتصاق بجدران الغرفة.

طريقة التماس

تعتبر طريقة توليد الكهرباء الساكنة عبر التماس (بالإنجليزية: Contact) إحدى الطرق المعروفة في علم الفيزياء. تنتج هذه الطريقة من انتقال الشحنات السالبة بين جسمين عند تلامسهما.

طريقة الحث

تُولد الكهرباء الساكنة في الأجسام العازلة من خلال عملية الحث (بالإنجليزية: Polarization) عندما تتحرك الإلكترونات الموجودة فيها نتيجة تأثير مجال كهربائي من جسم مشحون قريب، وتتجلى هذه الظاهرة دون ملامسة مباشرة بين الأجسام.

تطبيقات الكهرباء الساكنة

تتعدد التطبيقات العملية للكهرباء الساكنة في الحياة اليومية، ومنها ما يلي:

المكثفات

تُستخدم المكثفات لتخزين الكهرباء الساكنة الناتجة عن قضاء التيار الكهربائي، حيث تتواجد فارق جهد بين ألواح المكثف، ما يساعد على الاحتفاظ بالشحنات لفترة زمنية معينة. ومن أبرز الأمثلة على المكثفات الفائقة التي يُمكن استخدامها كبديل للبطاريات القابلة للشحن.

طابعات الليزر

تقوم طابعات الليزر على أساس وجود أسطوانة مشحونة بالكامل بشحنة موجبة، يقوم الليزر بعد ذلك بعكس الشحنة في المناطق التي يصطدم بها ليصبح لهذه المناطق شحنة سالبة، مما يسمح بظهور النصوص عند تلك المناطق. تتجه جزيئات الحبر نحو المناطق المشحونة سالبة الشحنة عند تمرير الأسطوانة المليئة بالحبر فوق الأسطوانة المشحونة.

آلات التصوير

تعتمد آلات التصوير على الكهرباء الساكنة عن طريق شحن أسطوانة خاصة بالخارج، والتي تجذب جزيئات الحبر بشكل انتقائي عند تسليط الضوء على الورقة الأصلية، مما يجعل الحبر يلتصق بالمناطق المظلمة دون الفارغة.

الميكروفونات البلورية

تولد الكهرباء الساكنة في الميكروفونات البلورية نتيجة الجهد المطبق على الغشاء الرقيق بداخلها. وتستخدم سابقًا الملح روشيل، ولكن تم استبداله بالمواد الخزفية لحل مشكلة تأثره بالرطوبة، وتنتج هذه الميكروفونات عمومًا ترددات صوتية عالية، لكنها ليست بالمقارنة مع الميكروفونات الديناميكية.

معطرات الجو

تعمل معطرات الجو على تنقية الهواء من الجزيئات المزعجة كالدخان والغبار بجذب هذه الجزيئات نحو الجهاز الذي يحمل شحنة مخالفة. وعند التصاق هذه الجزيئات بالجهاز، يلاحظ انخفاض مستوى الملوثات في الهواء المحيط.

دهان السيارات

تساهم الكهرباء الساكنة في الحصول على سطح أملس عند طلاء السيارات باستخدام تقنية الرش الكهربائي عبر مسدس يحمل شحنة موجبة، مما يحث جزيئات الطلاء على التشتت لتصبح موجبة بالكامل، وينتج عن ذلك رذاذ خفيف ينجذب نحو السيارة.

مخاطر الكهرباء الساكنة

يمكن أن تتسبب الكهرباء الساكنة في عدة مخاطر، ومن أبرزها:

  • اندلاع الحرائق نتيجة التفريغ الكهربائي العالي الجهد.
  • تلف الأجهزة الإلكترونية بسبب الصدمات الكهربائية الساكنة.
  • حرائق أو انفجارات مفاجئة نتيجة لتشابك سوائل قابلة للاشتعال كالبنزين في الأنابيب.
  • ظاهرة البرق الناتجة عن حركة الأبخرة والغازات، والتي قد تؤدي إلى وفيات أو حروق نتيجة للصواعق القوية.
  • الضرر المتوقع في الأجزاء الميكانيكية بسبب الشرارات التي قد تظهر على بعض الأسطح.
  • الخطأ في عمليات معالجة بعض المواد كالبلاستيك أو الورق.
  • الصدمات الكهربائية المؤلمة التي قد تؤدي للحروق أو وقف القلب.
Scroll to Top