أطر المسؤولية المدنية في التشريع العراقي
يتناول القانون المدني العراقي رقم 40 لعام 1951م في المادة 204 موضوع المسؤولية المدنية، حيث ينص على أن أي تعدٍ يتسبب في إلحاق ضرر بالآخرين يحق للعاملين ضده المطالبة بتعويض. يعكس هذا النص المقبول من حيث مبادئ المسؤولية العقدية الناشئة عن إخلال أحد الأطراف بالالتزامات المنصوص عليها في العقد.
بالإضافة إلى ذلك، يحدد التشريع العراقي المسؤولية التقصيرية التي تنتج عن إخلال بالتزام لا يرتبط بعقد، ويعتبر المشرع العراقي أن الاعتداء على الأموال والأشخاص متساويان من الناحية القانونية.
أما بشأن المسؤولية العقدية، فهي منصوص عليها في المادة 196 الفقرة 2، التي تشير إلى أن “التعويض عن كل التزام ناشئ عن العقد يشمل الالتزام بنقل الملكية أو منفعة أو حقوق عينية أخرى، فضلاً عن الالتزامات المرتبطة بالعمل أو الامتناع عن العمل. ويتضمن التعويض الخسائر التي لحقت بالدائن والأرباح التي فاته عبر ضياع الحق أو التأخير في استيفائه، شريطة أن تكون هذه النتائج طبيعية ناتجة عن عدم وفاء المدين بالتزاماته”.
تعريف المسؤولية المدنية
من الملاحظ أن المسؤولية المدنية تنشأ جراء الإخلال بالتزام قانوني ناتج عن عقد، وهي ما تعرف بالمسؤولية العقدية. وهناك نوع آخر من المسؤولية يُعرف بالمسؤولية التقصيرية، التي تأتي من أفعال غير مشروعة تلحق ضرراً بالآخرين. يدمج هذين النوعين ليشكلوا مفهوم المسؤولية المدنية.
تخضع أحكام المسؤولية المدنية لقوانين مدنية في مختلف الدول، والضرر الذي يحصل للغير هو الأساس لكل مسؤولية مدنية. بناءً عليه، يحدد القانون جزاءً خاصاً للضرر من خلال التعويض.
يمكن للقاضي أن يحكم بتعويض مادي، وهو مبلغ مالي يتناسب مع قيمة الضرر، أو تعويض معنوي. كما يمكن الأطراف الاتفاق على صلح، حيث يتنازل المتضرر عن حقه في المطالبة بالتعويض.
مجال المسؤولية المدنية
تحدد نصوص القانون نطاق المسؤولية المدنية وفق عنصرين أساسيين:
- أولاً: وجود عقد شرعي ينشئ التزاماً، ويتوجب أن يكون مبرماً بين الشخص المسؤول عن الضرر وبين الشخص المتضرر.
- ثانياً: أن يكون الضرر الناتج ناشئاً عن ذلك الالتزام وفقاً للعقد المبرم بين الأطراف المعنية.
أركان المسؤولية المدنية
تتطلب المسؤولية المدنية توافر ثلاثة أركان رئيسية، وهي كما يلي:
- الركن الأول: الخطأ العقدي.
ويعني عدم الوفاء بالالتزام المترتب على العقد، سواء كان ذلك عن طريق عدم التنفيذ، التنفيذ غير الصحيح، أو التأخير في التنفيذ، سواء كان بتعمد أو نتيجة للإهمال.
- الركن الثاني: الضرر.
يُعرف الضرر بأنه نتيجة حتمية وضيدة للفعل الخاطئ، وغالباً ما يشمل أذى لحق بشخص آخر، مما يستوجب التعويض كوسيلة لجبر الضرر الناجم.
- الركن الثالث: العلاقة السببية بين الخطأ والضرر.
تشير هذه العلاقة إلى الارتباط بين الخطأ المرتكب من الطرف الأول والأذى الذي أصاب الشخص الثاني. وفي حالة وجود سبب أجنبي يعوق الوصل بين الفعل الخاطئ والضرر، فلا تنظر حينها أحكام المسؤولية العقدية، مثل القوة القاهرة أو حدوث حادث، حيث أن ذلك يقود إلى انفصال العلاقة السببية وإنهاء أحكام المسؤولية.