حكم تعدد الزوجات في الإسلام
اتفق علماء الأمة الإسلامية وفقهاؤها على جواز تعدد الزوجات؛ حيث يُسمح للرجل في الإسلام بالزواج من أكثر من امرأة، بمعدل لا يتجاوز الأربع نساء في وقت واحد. ويستند هذا الجواز إلى ما ورد في كتاب الله بقوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا). ورغم أن الإسلام يسمح بتعدد الزوجات لاعتبارات وظروف معينة، فإنه يفضل على الرجل الاقتصار على زوجة واحدة إذا كان يخشى عدم القدرة على تحقيق العدالة بينهن.
أسباب تعدد الزوجات
تعدد الزوجات في الإسلام له أسباب عامة وخاصة. من الأسباب العامة التي تدعو للتعدد أنه يمثل وسيلة لحماية النساء من الانحراف واللجوء لما يسيء إليهن، خصوصاً حينما يتجاوز عدد النساء عدد الرجال. كما أن التعدد يعزز من قوة الأمة الإسلامية ويزيد من عددها. أما الأسباب الخاصة، فهي عديدة، منها: إصابة المرأة بالعقم أو مرض يمنعها من تلبية رغبات زوجها، وسوء طباع الزوجة التي قد تمنعها من الاستجابة لطلبات زوجها، أو عدم قدرتها على مسايرة متطلباته الجنسية بسبب كراهيتها للجماع، أو تقدمها في السن، أو بسبب طول فترة حيضها. قد يلجأ الرجل أيضًا للتعدد في حالات السفر الطويل، مما يجعل من الصعب عليه البقاء بعيدًا عن زوجته لفترات متواصلة.
شروط إباحة تعدد الزوجات
أقرت الشريعة الإسلامية إمكانية تعدد الزوجات بشروط معينة، فمن الضروري أن تتوفر للزوج القدرة الجسدية والنفسية للقيام بواجباته تجاه الزوجات، بالإضافة إلى القدرة على تحقيق العدالة بينهن. كما يجب أن يمتلك القدرة المالية لتلبية احتياجات زوجاته من مأكل وملبس ومسكن. إذا كان الرجل متزوجًا بامرأة واحدة أو أكثر، فإنه يحظر عليه الزواج بامرأة أخرى إذا لم تتوفر لديه الإمكانيات اللازمة لذلك. يشترط أن يكون العدد محصورًا في أربع نساء، ولا يجوز أن تشترط المرأة في عقد الزواج عدم زواج الرجل من أخرى، فإذا تزوج بأخرى يصبح للزوجة الحق في فسخ عقد النكاح، كما يمكنها رفع قضية أمام القاضي في حال شعورها بالتضرر من تزوج الرجل بأخرى.
الحكمة من تعدد الزوجات
ينص مبدأ التعدد في الزواج ضمن ضوابط محددة في الشريعة الإسلامية، وهو سُنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. يتعين على الزوج أن يكون عادلاً بين زوجاته، مما يضمن توفير سُبل العيش الكريم بالتساوي. وعند إباحة الإسلام للتعدد تتواجد العديد من الحكم، منها:
- تشديد الإسلام على تحريم الزنا وجعل الزواج هو البديل الشرعي.
- امتثال أوامر الله تعالى، الذي يعي مصالح عباده واحتياجاتهم.
- عدم قدرة الزوجة على الإنجاب بسبب مرض مزمن أو العقم.
- تجنب النزاعات التي قد تنجم عن عدم تحمل الزوجة لمسؤولياتها وواجباتها الزوجية.
- اختلاف طبيعة الرجل عن المرأة، حيث يستطيع الرجل الإنجاب بصورة أكبر مقارنةً بالمرأة.
موانع تعدد الزوجات
وضعت الشريعة الإسلامية ضوابط تمنع تعدد الزوجات حفاظًا على وحدة المجتمع وتفاديًا للخلافات العائلية، حيث نُهى عن الجمع بين المرأة وأختها، أو المرأة وعمتها أو خالتها.
شبهات الداعين لمنع تعدد الزوجات والرد عليها
تثير بعض الحجج المعارضة لمفهوم تعدد الزوجات أن هذا الأمر يتسبب في مشاكل وعداوة بين الزوجات. بينما يرى المعارضون أنه إذا كان الضرر سيحدث، يجب منع التعدد. وقد أوضح علماء الأمة أن الضرر قد يحصل حتى مع وجود زوجة واحدة، وليس بالضرورة أن يتواجد في حال وجود أكثر من زوجة. كما أن وجود ضرر قليل لا يعني أن الأمر خاطئ. من حق المرأة أن تشترط السكن في مكان مستقل، ولا يمكن للزوج فرض العيش مع غيرها. ومن الحجج الأخرى التي تُثار هي انتقاد إباحة تعدد الزوجات للرجل ومنعها عن المرأة؛ حيث أن إباحة ذلك للمرأة قد ينقص من كرامتها وقد يتسبب في تشتت الأنساب وتفكك الأسر. إذ أن المرأة تعتبر حجر الزاوية في تكوين الأسرة، فلو تشارك أكثر من رجل في النسب فقد يتعرض الأولاد للتفكك الأسرى وفقدان الهوية العائلية.