بحيرة طبريا
تُعدُّ بحيرة طبريا واحدة من أبرز المعالم الجغرافية في فلسطين، حيث تمتد على مساحة تبلغ 166 كيلومتر مربع، وطول يصل إلى 21 كيلومترًا من الشمال إلى الجنوب، بينما يبلغ عمقها حوالي 43 مترًا، مما يجعلها بحيرة ضحلة. تُغذّى البحيرة بواسطة نهر الأردن، الذي يسير شمالها بالقرب من آثار بلدة كفرناحوم الشهيرة. يُقدّر عدد سكان المنطقة المحيطة بحيرة طبريا بحوالي 46,000 نسمة، غالبيتهم من اليهود.
تُعتبر بحيرة طبريا ثاني أدنى بحيرة في العالم بعد البحر الميت، ومن أصغر البحيرات حيث تفقد نسبة كبيرة من مياهها بسبب التبخر، مما يسهم في نقص مساحتها بشكل تدريجي. تم ذكر البحيرة في الكتاب المقدس (الإنجيل) بأسماء متنوعة، بما في ذلك بحيرة جينيساريت، وبحر كينيريث، وبحر تشينيروث، وتُعرف أحيانًا ببساطة بـ”البحيرة” أو بحر الجليل.
موقع بحيرة طبريا
تقع بحيرة طبريا في فلسطين، في الجانب الشرقي من منطقة الجليل، إذ يبتعد عن القدس مسافة تصل إلى 198 كيلومترًا. تُحيط بها التلال من جميع الجهات، حيث يحدها من الغرب جبل أربيل، بينما تشرف على مرتفعات الجولان من الشرق، والتي كانت جزءًا من سوريا سابقًا وتحتلها إسرائيل حاليًا.
من الجدير بالذكر أن بحيرة طبريا تحتضن آثار مدينة كفرناحوم التوراتية الشهيرة، التي تم اكتشافها من قبل المستكشف الأمريكي إدوارد روبنسون في عام 1838، وتقع هذه المدينة شمال البحيرة على الشاطئ الشمالي الغربي.
تكوين بحيرة طبريا
تكونت بحيرة طبريا نتيجة العمليات التكتونية التي أدت الى فصل الصفائح العربية والأفريقية وتوسيع قاع المحيط. في نهاية العصر الجليدي، شكلت الانخفاضات مناطق تراكمت فيها المياه بكميات قليلة. خلال العصر الرباعي، شهدت البحيرة فترة رطبة وفيرة بالماء، كانت تمتد من البحر الميت شرقًا إلى البحيرة غربًا، قبل أن تبدأ المياه في الانحسار قبل 20,000 سنة.
التنوع البيولوجي في بحيرة طبريا
تحظى بحيرة طبريا بتنوع بيولوجي كبير بفضل موقعها منخفض الارتفاع وتربتها الخصبة التي تسهم في ازدهار النباتات. تشتهر المنطقة منذ قرون بزراعة التمور، الحمضيات، الخضروات، والقصب. كما تحتوي البحيرة على مجموعة متنوعة من الكائنات البحرية والعوالق، أبرزها:
- القشريات.
- الرخويات.
- الطحالب الدقيقة.
- أنواع من سمك البلطي المعروف باسم سان بيدرو.
- سمك السلور.
القيمة التاريخية والثقافية لبحيرة طبريا
تملك بحيرة طبريا قيمة تاريخية وثقافية هامة، ومن أبرز ملامحها ما يلي:
- تعود القيمة التاريخية لهذه البحيرة إلى فترة النبي عيسى عليه السلام، حيث تشير بعض الأناجيل إلى أن النبي عيسى أجرى معجزات على ضفافها، كما أن اليهود أنشأوا أول كيبوتس لهم في هذه المنطقة.
- تعتبر بحيرة طبريا مقصدًا بارزًا للحجاج، لكن مستويات المياه فيها تزايدت بالانخفاض، حيث سجلت أدنى مستوى لها في عام 2018.
- تجذب بحيرة طبريا اهتمام الباحثين، حيث استعرضت الدراسات أسباب انخفاض مستوى المياه مثل نقص الأمطار، ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الأراضي الزراعية التي تحتاج إلى المياه.
- كشفت الحفريات عن وجود كنيس يهودي يعود تاريخه إلى القرن الرابع أو الخامس بالقرب من بحيرة طبريا، ما يجعله أحد أقدم الكنائس في العالم.
- تتميز بحيرة طبريا بوجود العديد من المناظر الطبيعية والمعالم الأثرية التي تعود إلى الثقافات الهلنستية والرومانية.
- سُمّيت البحيرة بهذا الاسم نسبةً للإمبراطور الروماني طبريا.
إضافة إلى ما ذُكر، توجد معالم سياحية عديدة حول البحيرة تعزز من أهميتها التاريخية والثقافية نظرًا لارتباطها بديانات مختلفة، ومن بين هذه المعالم:
- المسجد الكبير
يقع في الجهة الشمالية لبحيرة طبريا، وقد أُسس من قبل الملك الظاهر زيدان في القرن الثامن عشر، ويحمل أسماء عدة مثل المسجد الفوقاني ومسجد زيدان.
- جسر جامع
يستقر على ساحل البحيرة، وتحديدًا في الجهة الغربية، ويحتوي على آثار تعود للعصر الروماني.
- الحمامات الدافئة
يتوجه العديد من السياح إلى هذه الحمامات لاستفادة من علاجات المياه المعدنية التي تحتوي على معادن مفيدة للجسم.
- قرية الطابغة
تقع هذه القرية على الشاطئ الشمالي الغربي، وتُعتبر موقعًا تاريخيًا لتكاثر الأرغفة والأسماك وفقًا للتقاليد المسيحية، حيث تم ذكرها لأول مرة من قبل الحاج إجيريا في أواخر القرن الرابع ميلادي.
- بلدة كورازيم
تشتهر بحيرة طبريا بوجود بقايا تُعتقد أنها تعود إلى بلدة يهودية تُدعى كورازيم، والتي ورد ذكرها في التلمود البابلي، وكانت معروفة بجودتها العالية في زراعة القمح.