تاريخ توثيق الأحاديث النبوية

تاريخ تدوين الحديث الشريف

شهد الحديث النبوي مراحل عدة في جمعه وتدوينه. بدأت تلك المراحل في عهد النبي محمد عليه الصلاة والسلام، حيث كان هناك من الصحابة من يقوم بتدوين بعض الأحاديث التي يسمعونها منه في دفاتر خاصة. ومن بين هؤلاء الصحابة، كان عبد الله بن عمرو يمتلك صحيفة معروفة باسم “الصادقة”، بالإضافة إلى الصحابي جابر بن عبد الله وأنس بن مالك. وقد مرّ تدوين الحديث في زمن النبي بعدد من المراحل الأساسية. المرحلة الأولى كانت مرحلة النهي عن كتابة الحديث، حيث منع النبي الصحابة من أن يكتبوا شيئاً سوى القرآن الكريم. وقد كان السبب وراء هذا النهي هو تجنب اختلاط الحديث بالقرآن. ثم تأتي المرحلة الثانية من التدوين خلال حياة النبي، حيث أذن بكتابة الحديث بعد استقرار أمور الدعوة الإسلامية وغياب المخاوف المرتبطة بتدوين السنة. وقد رُوي عن الشاب عبد الله بن عمرو أنه كان يكتب كل ما يسمعه من رسول الله. وعندما عاتبه بعض أفراد قريش بحجة أن النبي يتحدث في حالات الغضب والرضا، أبلغ النبي بذلك، فأجابه النبي: (اكتب؛ فوالذي نفسي بيده، ما يخرج منه إلا حق).

المرحلة الثانية لتدوين الحديث الشريف

تعتبر المرحلة الثانية من مراحل تدوين الحديث المرحلة الفعلية في تاريخ التدوين. فقد كان الخليفة عمر بن عبد العزيز يخشى من ضياع العلم نتيجة فقدان العديد من الأحاديث النبوية. ولاحظ علماء الأمة أن هناك زيادة ملحوظة في الأحاديث الموضوعة والمكذوبة المنسوبة إلى رسول الله، والتي تعززت بفعل الخلافات المذهبية والسياسية. لذا، كلف الخليفة عددًا من الأئمة بجمع الأحاديث وتدوينها، منهم الإمام أبو بكر ابن حزم والإمام محمد بن شهاب الزهري. وقد ذكر ابن حجر أن هذا الجهد بدأ في العقد الأول من القرن الهجري المئة.

مرحلة ظهور الموسوعات الحديثية

بدأت الموسوعات الحديثية في الظهور في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري واستمرت حتى نهايته. من بين هذه الموسوعات ظهرت كتب المسانيد وكتب الصحاح، حيث استفاد مؤلفو هذه الموسوعات من كتب الحديث التي كُتبت سابقًا، مثل كتب مالك والأوزاعي وحمّاد بن سلمة. وتميزت تلك الموسوعات بتنوع أساليب الكتابة وتصنيفها وترتيبها، ومن أبرزها كتاب “صحيح البخاري” الذي صنفه الإمام البخاري، و”صحيح مسلم” الذي صنفه الإمام مسلم.

Scroll to Top