الاختلافات بين السور المكية والسور المدنية
خصائص السور المكية
تتفرد السور المكية بعدد من الصفات التي تميزها عن السور المدنية، أبرزها:
- كل سورة من القرآن تحتوي على كلمة (كلا) تُعتبر مكية، حيث لم يتم استخدام هذه الكلمة إلا في الجزء الأخير من القرآن.
- السور التي تحتوي على النداء الإلهي: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) فقط، دون أن تحتوي على (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)، تُصنف كسور مكية، باستثناء سورة الحج التي تتضمن النداء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا).
- السور التي تروي قصص الأنبياء والأمم السابقة تُعتبر مكية، مع استثناء سورة البقرة.
- أي سورة تتناول قصة نبي الله آدم وإبليس تُعد مكية، مع استثناء سورة البقرة.
- السور التي تبدأ بحروف مقطعة مثل: (الم) و (الر) تُعتبر مكية، باستثناء سورتي البقرة وآل عمران.
تتضمن السور المكية أيضًا دعوات لتوحيد الله ورفض الشرك به، مؤكدًا على وحدانيته كأحد المستحقين للعبادة، والتشديد على أهمية البعث والحساب، وذكر القيامة، بالإضافة إلى الحديث عن الجنة والنار. كما تمتاز بعباراتها البسيطة والواضحة وقوتها التعبيرية.
خصائص السور المدنية
تتمتع السور المدنية بعدد من الميزات كما يلي:
- تناولت موضوعات متعددة تشمل العبادات، المعاملات، القوانين الإسلامية، نظام الأسرة، المواريث، فضائل الجهاد، الروابط الاجتماعية والعلاقات الدولية في السلم والحرب، بالإضافة إلى قواعد الحكم والتشريع.
- تسعى السور المدنية إلى مخاطبة أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ودعوتهم للاستجابة للإسلام من خلال إبراز تحريفاتهم في كتب الله.
- تتحدث بكثرة عن المنافقين، موضحة سلوكياتهم وتحليل نفوسهم، وكاشفة عن مخاطرهم على المجتمع الديني.
- تتميز آيات السور المدنية بالطول، مما يعكس أسلوبها في تحديد الشريعة وتوضيح أهدافها.
من حيث طول الآيات
تتجلى الفروق بين السور المكية والمدنية في طول الآيات، حيث تتميز السور المكية بالإيجاز وتكون آياتها قصيرة نظرًا لبلاغة وعمق لغة قريش، بينما تكون آيات السور المدنية أطول.
من حيث موضوعات السور
- تتمركز موضوعات السور المكية حول العقيدة، مع تسليط الضوء على مفاهيم الإيمان والتوحيد، كما هو الحال في سورة الإخلاص: (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ)، والقصص المتعلقة بالأنبياء وحواراتهم، بالإضافة إلى آيات النصر والقوة، ودروس من الأمم السابقة وقصة ابني آدم، وآيات تزيد من تثبيت المسلم والمسلمين وتؤكد على آيات الخلق.
- تتعلق موضوعات السور المدنية بالتشريعات، مع التركيز على المبادئ العامة، العبادات، المعاملات، وأنظمة العدالة، كما يتضح في سورة البقرة: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، كما تتناول قضايا الأخلاق، الجهاد، وتحليل موقف المنافقين ومجادلة أهل الكتاب، كما هو مذكور في سورة الحج.
من حيث نوع الخطاب
- الخطاب في السور المكية:
- يستهدف جمهور الناس، حيث غالبًا ما ينادي بعبارات مثل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) و(يَا بَنِي آدَمَ).
- أغلب السور التي تبدأ بحروف مقطعة تعتبر مكية، مع استثناء البقرة وآل عمران.
- ترد كلمة “كلا” فقط في السور المكية، متزامنة مع الوعيد للمشركين، كما في سورة الفجر.
- سجدات التلاوة لا توجد إلا في السور المكية.
- يغلب على الخطاب المكي القوة في التركيب اللغوي وكثرة القسم.
- الخطاب في السور المدنية:
- يهيمن في السور المدنية النداء بـ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا).
- تتسم الآيات فيها بالشمولية والتفصيل نظرًا لأنها تتناول الأحكام الشرعية.
عدد السور
تختلف السور المكية والمدنية في العدد كالتالي:
- عدد السور المكية يبلغ 82 سورة تقررها العلماء.
- عدد السور المدنية هو 20 سورة متفق عليها.
- تتراوح باقي السور بين المكية والمدنية، حيث صنفها بعض العلماء كمدنية وغيرهم كمكية، وعددها 12 سورة.
طرق التعرف على السور المكية والمدنية
اتبعت العلماء طريقتين لتحديد ما إذا كانت السورة مكية أو مدنية، هما:
- النقل السمعي: ويعني إدراك السور المكية والمدنية من خلال روايات أحد الصحابة الذين عايشوا فترة الوحي أو عن طريق التابعين الذين استمعوا إليهم. مثل:
- ما رواه مسلم عن سعيد بن جبير عندما قال لابن عباس بخصوص آيات معينة.
- حديث عائشة رضي الله عنها حول نزول الوحي في مكة.
- القياس والاجتهاد: استند العلماء في هذه الطريقة إلى النصوص القرآنية واستنبطوا خصائص وضوابط للسور المكية والسور المدنية، لاستخدامها في تقييم السور التي لم يُحدد عنها إذا كانت مكية أو مدنية.
في الختام، يسلط هذا المقال الضوء على الفروق بين السور المكية والسور المدنية من حيث عدة جوانب، بما في ذلك طول الآيات، الموضوعات، أنواع الخطاب، وعدد الآيات. هذه الفروق تعزز الفهم في علوم القرآن كالتفسير ومعرفة المتقدم والمتأخر، كما تبرز أهمية الدقة في نقل ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وفهم تدرج التشريع فيما يتعلق بالأحكام، مما جعل هذه الفروق محط اهتمام للمفسرين وعلماء القرآن عبر العصور.