استقصاء في مفهوم التسامح وتجلياته

ما هو التسامح في الإسلام؟

يُعتبر التسامح من أسمى القيم التي يُميز بها الإسلام، حيث يظهر بوضوح بين الأفراد والجماعات. إذ يتجلى التسامح في مختلف جوانب الحياة، سواء كانت دينية أو اقتصادية أو غيرها. يُعرّف التسامح بأنه التساهل والكرم والعطاء، وينعكس ذلك في العبادات والمعاملات، كما يشمل معاملة الضعفاء وغير المسلمين، وفيما يلي توضيح لذلك:

أبعاد التسامح في الإسلام

تتنوع أبعاد التسامح في الإسلام، سواء في العبادات أو المعاملات، مع المسلمين وغير المسلمين. وفيما يلي توضيح لهذه الأبعاد:

التسامح في العبادات

قال الله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا)، وهذا يشير إلى أن الإنسان مطالب بما يستطيع تحمله. وتتجلى مظاهر التسامح في الإسلام فيما يلي:

  • الأصل في جميع الأشياء الإباحة ما لم ينهَا الشرع عنها.
  • الإثم مُسقَط عن بعض الفئات مثل: النائم، والطفل الصغير، والمجنون، وفقاً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رُفِع القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتَّى يستيقِظَ، وعن المبتلَى حتَّى يبرأَ، وعن الصَّبيِّ حتَّى يكبُرَ).
  • وجود رخص في الدين.

على سبيل المثال، العاجز عن الوضوء يمكنه التيمم، والمريض يُسمح له بالصلاة جالساً، والمريض يُرخَّص له بالإفطار في رمضان. كما تتواجد رخصة قصر الصلاة في السفر، فليس هناك واجب على من لا يستطيع أداء الحج بسبب العجز أو عدم القدرة المالية، حيث لا يجمع الله بين مشقة العبادة وصعوبة المرض أو السفر أو الفقر.

التسامح في المعاملات

يساهم التسامح في تيسير التعاملات بين الأفراد، فلا يمكن للفرد الاستغناء عنه، وإليك بعض أوجه التسامح في المعاملات:

  • الانفتاح في الفهم

إذ يُعتبر الإسلام دين يسر فلا يُفرض على الأفراد تجاوز الحدود أو تعقيد الأمور في تعاملاتهم مع غير المسلمين.

  • العفو عن زلات الآخرين

فالخطأ يُعتبر سمة بشرية طبيعية، ولضمان استمرارية العلاقات الإنسانية، ينبغي العفو عن الأخطاء. قال الله تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا)، وقد ربط الله العفو بمغفرة الذنوب، كما جاء في الآية: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم).

  • العفو عن الناس

ويعتبر ذلك من مظاهر التسامح، حيث يُعتبر العافون من المحسنين، كما قال الله تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين). وقد أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من يملك القدرة على الانتقام ولكنه يكتم غيظه ينال ثوابًا عظيمًا، حيث قال: (من كظم غيظا، وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور شاء).

التسامح الديني مع غير المسلمين

يتسع مفهوم التسامح في المجتمع الإسلامي ليشمل جميع الأفراد، بما في ذلك غير المسلمين. فعندما تأتي الأديان من عند الله، تحظى شرائعهم ومعابدهم وحقوقهم بالتقدير في ديننا، مما يحفظ كرامتهم دون انتقاص. ومن نماذج التسامح التي أظهرها الإسلام تجاه غير المسلمين:

  • أوجب الله تعالى مخاطبة غير المسلمين بأحسن أسلوب، حيث قال: (وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
  • سمح الإسلام بالتعامل معهم عبر البيع والشراء، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- نموذجًا يحتذى في ذلك، كما يُعرف أنه اشترى طعامًا من يهودي بموعد محدد.
  • أباح الإسلام طعام غير المسلمين، حيث قال: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ).

ثمرات التسامح في الإسلام

تمتاز ثمرات التسامح في الإسلام بتنوعها وعظمتها، فهي تشمل شتى مجالات الحياة والمعاملات. ومن أبرز ثمار التسامح:

  • الشخص المتسامح يحظى بمحبة الله ورسوله.
  • يعتبر التسامح في المعاملات التجارية سببًا لجلب الرزق.
  • قد يُسهم التسامح مع أصحاب الديانات الأخرى في دخولهم إلى الدين الإسلامي الحنيف.
Scroll to Top