الضاد والظاء
تعتبر اللغة العربية غنية بالمترادفات والمتشابهات، مما قد يسبب الخلط بين بعض الحروف خاصةً بين الظاء والضاد. إن هذين الحرفين يتشابهان إلى حدٍ ما، لكن هناك اختلافات دقيقة بينهما سنستعرضها في السطور التالية. وقد أولى علم التجويد اهتمامًا كبيرًا في التمييز بين مخارج الحرفين. لذا يجب على القارئ أو الكاتب أن يكون واعيًا لما يقرأ ويكتب من ظاء أو ضاد. فالأذن في اللغة لديها حساسية خاصة، حيث إن أي تغيير في النطق قد يؤدي إلى تشويش المعاني. على سبيل المثال، إذا نُطِقَت كلمة (مريض) بالظاء، فإنها ستتحول إلى (مريظ)، أو إذا استبدلنا الظاء في كلمة (ظلم) بالضاد، ستظهر كلمة (ضلم)، مما يغير المعنى بشكل كبير. وقد تعهد الله -عز وجل- بحفظ كتابه الكريم من أي تحريف، ويتطلب ذلك أيضاً حفظ لغته العربية التي لا يمكن فصلها عن القرآن الكريم بكافة معانيه وألفاظه.
حرف الضاد
حرف الضاد يُعتبر الحرف الفريد في اللغة العربية، حيث يُعطيها تميزًا عن باقي اللغات، ولهذا تُعرف باللغة العربية بلغة الضاد. ويأتي الضاد في المرتبة الخامسة عشرة من الحروف الهجائية. يمكن أن يظهر هذا الحرف في بداية الكلمات ووسطها وآخرها، ويتطلب نطقه دقة في مخرجه والذي يتمثل في إحدى حافتي اللسان مع أطراف الثنايا العليا. يُعتبر الضاد من أصعب الحروف نطقًا، وقد تحوّل في لغات غير العربية إلى صاد كما في الأكادية، أو غين كما في السريانية، أو عين كما في الآرامية. ومن الصفات المميزة للضاد ما يلي:
- الجهر
- الرّخاوة
- الاستعلاء
- الإطباق
- الاستطالة
- الإصمات، وتشارك الظاء في جميع هذه الصفات باستثناء صفة الاستطالة.
كما أشار الدكتور غانم قدوري الحمد: “يمثل الضاد صوتًا صعب الأداء، مما جعل الناس يميلون في نطقه إلى أصوات أخرى. وقد ظهر ذلك منذ القرون الماضية، حيث صرح عبد الوهاب القرطبي في القرن الخامس بأن العديد من القراء يُخطئون في نطقه ويستبدلونه بالظاء، وبعده بعقود أشار ابن وثيق إلى قلة من يحسنونه. وفي نهاية القرن الثامن، قال ابن الجزري: “تختلف ألسنة الناس فيه، وقلّ من يُتقنه”.
حرف الظاء
حرف الظاء هو الحرف السابع عشر في الترتيب الهجائي، يُخرج من ظهر طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا. والثنايا تعني الأسنان الأمامية في الفك. يُعتبر الظاء حرفًا لثويًا، ولإيضاح ذلك، يمكننا الرجوع إلى البيت الشعري القائل:
ظنّوا التراث يُباعُ بيع نخاسةٍ
خابوا .. وهل أسدٌ يبيع عريناً
في هذا البيت، جاءت كلمة “ظنوا” بمعنى “حسبوا” و”اعتقدوا”. وإذا استبدلنا الظاء بالضاد، ستتحول الكلمة إلى “ضنوا”، أي “بخلوا”، مما يُبين الفارق الكبير بين المعنيين. يتطلب تصحيح لفظ الحرفين الاستماع إلى العلماء والتلقّي عنهم بالمشافهة.
تُعتبر عادة العرب في تسمية الأشياء مرتبطة بمحتواها، حيث يستخدمون الحروف القاسية مثل: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء، والخاء، والذال، والثاء في الكلمات التي تحمل دلالات القوة والشدة. من بين هذه الكلمات، “الظُّنبوب” الذي يُشير إلى مسمار يُركب في مقدمة الرمح، و”الحظوة”، وهو سهم صغير يُستخدم للعب من قِبل الأطفال.