صلاة الجمعة
قال الله تعالى في كتابه العزيز: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ”. في هذه الآية، يدعو الله المؤمنين إلى إحياء هذه العبادة القيمة، التي تُعتبر من الفروض المهمة في شريعة الإسلام. لكن هناك العديد من المسلمين الذين غير مُحاطين بمعرفة أحكام هذه العبادة وخصائصها كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم. لذلك، نهدف إلى توضيح بعض من هذه الأحكام والخصائص لضمان أدائها بطريقة سليمة وفقاً لما أمر به الله سبحانه وتعالى.
حكم صلاة الجمعة شرعًا
لا يختلف أهل العلم حول وجوب أداء هذه العبادة على كل مسلم بالغ وعاقل. ويظهر ذلك من فعل الأمر في الآية السابقة “فَاسْعَوْا” والذي يفيد الوجوب. كما يُنهى عن البيع “وَذَرُوا الْبَيْعَ” لكي لا ينشغل المسلمون عن حضور الصلاة. وهذه النواهي تشمل أيضًا كل ما يمكن أن يُلهي المؤمن عن أداء هذه الفريضة. وسنستعرض الآن من هم المعنيين بأداء صلاة الجمعة.
من تجب عليه صلاة الجمعة
تجب صلاة الجمعة على الفئات التالية:
- الإسلام: فالكافر لا تجب عليه صلاة الجمعة، ولا تقبل منه، كما قال الله تعالى: “وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ”، فركن الصلاة يأتي بعد الشهادتين، مما يستحيل على من لا يعترف بوحدانية الله أن يؤدي أي عبادة.
- الذكورة: صلاة الجمعة ليست واجبة على النساء، وإذا حضرنَها صحيحة فإنها تُجزئ عن صلاة الظهر. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن منع النساء من الذهاب إلى المساجد ولكنه أشار إلى أن صلاة المرأة في بيتها أفضل حماية لها.
- التكليف: تجب صلاة الجمعة على البالغ العاقل:
- البلوغ: فلا تفرض صلاة الجمعة على الصبي الذي لم يبلغ سن البلوغ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إلا أن المجنون رفع عنه القلم، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يعقل”. إذاً، صلاة الصبي تعتبر مقبولة لكنه غير مكلف بها.
- العقل: المجنون غير مكلف بأي من شعائر الدين، فالعبادات لا تُقبل منه لغياب نية القصد كما نصت الشريعة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الأعمال بالنيات.”
- القدرة على الأداء: لا تجب صلاة الجمعة على المريض الذي لا يمكنه التوجه إلى المسجد نتيجة المرض.
- الحرية: العبد المملوك غير ملزم بأداء صلاة الجمعة، ويقول حديث: “الجمعة فرض على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، امرأة، صبي، أو مريض”. وإذا صلاها جاز له ذلك.
- الإقامة: لا تجب صلاة الجمعة على المسافر، كما يظهر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، حيث لم يقم صلاة الجمعة يوم عرفة، بل صلى الظهر.
وأكد النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يصلي الجمعة في حال السفر حتى مع وجود عدد كبير من الناس، بل اكتفى بصلاة الظهر فقط.
أهم الأحكام المتعلقة بصلاة الجمعة
إليكم أبرز الأحكام المتعلقة بصلاة الجمعة:
- وقت الصلاة: الوقت من الشروط الأساسية لإقامة الصلاة. يبدأ وقت صلاة الجمعة بعد الزوال – أي زوال الشمس – وينتهي عندما يدخل وقت صلاة العصر، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة”.
- عدد المصلين: اختلف الفقهاء في العدد اللازم لصحة صلاة الجمعة. ذهب الحنفية إلى أنها تنعقد بواحد غير الإمام، بينما قال المالكية اثني عشر رجلًا، وقال الشافعية والحنابلة أربعون.
- ضرورة الخطبة: تُشترط خطبتان لصحة صلاة الجمعة.
- عدد الركعات: صلاة الجمعة تتكون من ركعتين، مما يُعَدّ إجماع من الصحابة والعلماء، ويستحب أن تكون القراءة في الركعة الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بسورة المنافقين.
سنن صلاة الجمعة
تتضمن صلاة الجمعة مجموعة من السنن، ومنها:
- الغسل: وذلك وفقًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا جاء أحدكم إلى الجمعة، فليغتسل”، وقد ذهب معظم العلماء إلى أن الغسل مستحب وليس واجبًا.
- التطيب ولبس أفضل الثياب، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرتدي أحسن ثيابه عند استقبال الوافدين أو ذهابه لصلاة الجمعة.
- الاقتراب من الإمام: الجلوس في الصفوف الأولى يعتبر أفضل من الصفوف الخلفية أو الوسطى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ليقربن مني أولوا الأحلام.”