القزم البني: فهم خصائصه وأهميته في البيئة

تعريف القزم البني

يُعرف القزم البني بأنه جسم فلكي يملك كتلة تفوق الكواكب ولكن تقل عن النجوم. عادةً ما تكون كتلته أقل بحوالي 0.075 من كتلة الشمس، أو ما يقرب من 75 مرة من كتلة كوكب المشتري.

تتمثل الفروق الأساسية بين القزم البني والنجم في أن القزم البني لا يصدر الضوء نتيجة لعملية الاندماج الحراري النووي للهيدروجين، بل ينير بسبب تفاعلات اندماج الديوتيريوم، وهو نظير نادر للهيدروجين. ومن الجدير بالذكر أن لون القزم البني لا يكون بالأحمر كما يوحي اسمه، بل يمتد من الأحمر الداكن إلى الأرجواني، ويختلف اللون حسب درجة حرارته.

خصائص القزم البني

القزم البني يُعتبر جسمًا شبه نجمي، ويصنف بين النجوم والكواكب؛ فهو ليس كبيرًا بما يكفي ليُعتبر نجماً، ولكنه أيضاً ليس صغيراً ليُعتبر كوكباً، حيث تتراوح كتلته بين 10 إلى 90 مرة من كتلة كوكب المشتري. ومن السمات التي تميزه:

  • الكتلة

يطلق على القزم البني اسم “النجم الفاشل”، حيث يتجاوز كتلته كتل الكواكب لكنه لا يمتلك الكتلة الضرورية للحفاظ على الاندماج النووي في نواته، إذ تتطلب هذه العملية كتلة تعادل 1/12 من الكتلة الشمسية، أي ما يقرب من 90 مرة من كتلة كوكب المشتري.

  • درجة الحرارة

تتراوح درجة حرارة سطح القزم البني تقريبًا 726.85 درجة مئوية، وقد اكتشف العلماء أقزامًا بنية في عام 2011 تتمتع بدرجات حرارة أقل بكثير، تصل إلى 26.85 درجة مئوية، مما يجعلها قريبة من حرارة الجسم البشري، وهو ما يسمح بوجود العديد من الجزيئات مثل الميثان والماء في أجوائها.

  • درجة السطوع

تتميز الأوراق البنية بانخفاض درجة سطوعها، مما يجعل رؤيتها صعبة. قدرت درجة لمعان القزم البني بنحو 1/10000 من لمعان الشمس، مما يجعل من الصعب اكتشافها حتى مع أحدث التليسكوبات على مسافات تتجاوز 200 أو 300 سنة ضوئية. لذلك، لم يتم اعتباره قزمًا بنيًا حتى عام 1995.

تشكل القزم البني

تعتبر الأقزام البنية أجزاء كبيرة من المادة الكونية لا تُعد كواكبًا، لكنها ليست ضخمة بما يكفي لتصنف كنجوم. وفقًا للبحث الجديد، تتشكل الأقزام البنية بنفس الطريقة التي تتشكل بها النجوم، مما يشير إلى تشابه كبير في أصولهم، حيث تتجمع النجوم عبر:

  • تجمع سحب باردة من الغاز والغبار في الفضاء بين النجوم.
  • انكماش الكتل الكثيفة داخل السحب بفعل جاذبيتها.
  • دوران وتجمع المواد من المناطق المحيطة على شكل قرص.
  • عند الوصول إلى كتلة كافية، يصبح قلب الجرم ساخنًا وكثيفًا بما يكفي لتحفيز الاندماج النووي.
  • يتألق النجم الجديد بعد حدوث الاندماج.

اقترح العلماء أن الأقزام البنية تتشكل بنفس الطريقة تمامًا، لكن الفرق الوحيد هو عدم تجميع الكتلة اللازمة لإجراء اندماج الهيدروجين. بينما اقترح بعض العلماء الآخرين أن الأقزام البنية يمكن أن تكون ناتجة عن أجسام طُردت من عمليات إنتاج النجوم.

يُعتقد أن الأقزام البنية تولد في أنظمة نجمية متعددة وتتنافس مع غيرها على المواد. في ظل هذه الظروف، قد يتم طرد الجسم الذي ينمو بشكل أبطأ قبل أن يتمكن من جمع كفاية المواد لتطويره كنجم. وإذا كانت الأقزام البنية تتشكل مثل النجوم، فمن المفترض أن تمتلك أقراص متراكبة كبيرة وطويلة العمر مشابهة لتلك المحيطة بالنجوم.

أما إذا كانت أجسامًا مرغوبة تم طردها من الأنظمة النجمية، فيجب أن تفقد هذه الأقراص خلال تفاعلات الجاذبية التي تؤدي إلى الطرد. وقد اكتشف العلماء أن معظم الأقزام البنية محاطة بأقراص غبارية يُقدر عمرها بحوالي مليون سنة.

أصل تسمية القزم البني

تم اقتراح وجود الأقزام البنية لأول مرة في الستينات من قبل عالم الفلك شيف كومار، الذي سمانها “القزم الأسود” وقدم تصورات عن كونها أجسامًا شبه نجمية مظلمة تسبح بحرية في الفضاء، غير قادرة على الحفاظ على عملية اندماج الهيدروجين في نواتها.

بينما جاء اسم “القزم البني” بعد فترة زمنية من قبل عالمة الفلك جيل تارتر في أطروحتها للدكتوراه، حيث أطلقت عليه هذا الاسم نظرًا لدرجة حرارته التي تقع في الوسط بين الأقزام البيضاء الباردة والأقزام الحمراء، ما جعل البني لونًا وسطًا بينهم.

الاختلاف بين القزم البني والنجوم

الفرق بين النجم والقزم البني يكمن في قدرة الأول على الحفاظ على الاندماج الحراري في نواته بفضل كتلته الكبيرة، بينما يُعاني القزم البني من كتلة أصغر تجعله غير قادر على ذلك، لذا يُعتبر القزم البني جسماً بارداً مع درجة حرارة منخفضة مقارنة بالنجم.

علاوة على ذلك، فإن الأقزام البنية أقل سطوعًا بكثير من النجوم، مما يجعل من الصعب رؤيتها والتعرف عليها، حيث أنها تبدو مظلمة في النطاق المرئي وتصدر القليل من الضوء فقط باستخدام تكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء.

أقرب قزم بني إلى الأرض

يعتبر لومان 16 بي (بالإنجليزية: Luhman 16B) هو أقرب قزم بني إلى الأرض، حيث يبعد عنها حوالي 6.5 سنة ضوئية. يُشبه في خصائصه كوكب المشتري إلى حد كبير، إذ تتدفق الرياح بسرعة عالية بالتوازي مع خط الاستواء تمامًا كما هو الحال في المشتري.

تساعد هذه الرياح على خلط الغلاف الجوي للقزم البني، وتوزيع درجة الحرارة الناتجة من الأعماق. يحتوي هذا القزم أيضًا على عواصف تشبه الدوامة عند قطبيها، مماثلة لتلك التي تُلاحظ على كوكب المشتري، ما يعني أن الرياح تعد السائدة في جو لومان 16 بي كما هو الحال على المشتري.

باختصار، يُظهر هذا القزم البني نفس الأنماط الجوية التي نشاهدها في المشتري. الاختلاف الوحيد بينهما هو أن كتلة لومان 16 بي أكبر بكثير، حيث تقارب 28 مرة من كتلة المشتري. ولفت الانتباه أيضًا إلى أن حرارته تصل إلى 830 درجة مئوية، لكنها تبقى غير كافية لتصنيفه كنجم.

Scroll to Top