الاختلافات بين الاتساق والانسجام في اللغة العربية

التفريق بين الاتساق والانسجام

يمكن توضيح الفروق بين الاتساق والانسجام فيما يلي:

التفريق من حيث المفهوم

في الاصطلاح، يشير الاتساق إلى الترابط القوي بين الأجزاء التي تُركب نصاً أو خطاباً. يركز هذا المفهوم على استخدام وسائل لغوية شكلية تربط بين العناصر المكونة للنص أو الخطاب بشكل عام، ويُعتبر الاتساق شرطًا أساسيًا ومهمًا لتمييز النصوص عن غيرها.

أما الانسجام، فبمفهومه الاصطلاحي، يعبر عن الطريقة التي يتم بها ربط الأفكار داخل النص. يرتبط الاتساق بالجوانب النحوية الشكلية، في حين يتعلق الانسجام بالجوانب الدلالية.

التفريق من حيث المبادئ

يمكن تلخيص الفروق من حيث المبادئ بالنحو التالي:

الاتساق

يعتمد الاتساق أو السبك النحوي على الإحالة النصية التي يتم من خلالها استخدام الضمائر، وأسماء الإشارة، والأسماء الموصول، وأدوات المقارنة. وتنقسم الإحالة إلى نوعين: الإحالة القبلية حيث يشير العنصر المحيل إلى عنصر سابق، والإحالة البعدية حيث يشير العنصر المحيل إلى عنصر يتبعها، بالإضافة إلى الإحالة المقامية التي تتعلق بالإنسان خارج النص.

يتضمن الاتساق أيضًا الاستبدال داخل النص، حيث يتم تعويض عنصر بعنصر آخر، وتشمل أنواعه الاستبدال الاسمي، والفعلي، والقولي. كما يتضمن الحذف، مما يستدعي انتباه المتلقي للبحث عن العنصر المحذوف نظرًا لتأثيره على النص.

أيضًا، يتضمن ربط العناصر السابقة بالعناصر اللاحقة بواسطة حروف العطف، ويتم تحقيق الاتساق من خلال الربط المعجمي، وأشهر أشكاله هو التكرار. كذلك يتحقق الاتساق عن طريق الربط الصوتي مثل السجع والجناس.

الانسجام

الانسجام يعتمد على “الرابط المفهومي الذي يتحقق من خلال البنية العميقة للخطاب”. هنا تظهر عناصر منطقية كالعلاقة السببية والعموم التي تعمل على تنظيم الأحداث داخل النص. وقد أشار أوجين نايدا إلى تسعة عشر نمطًا من العلاقات الدلالية، وقد صنفها إلى نوعين هما:

  • علاقات الربط

تنقسم علاقات الربط إلى: علاقات إضافية وثنائية.

  • علاقات التبعية

تنقسم علاقات التبعية إلى: علاقات مؤهلة ومنطقية.

للانسجام النصي أدوات مثل السياق الذي يلعب دورًا مهمًا في تحديد المعاني والدلالات داخل النص. فلكل مقام مقال، وتحليل السياقات اللغوية يكشف عن مقاصد النص والمتكلم وتأثيره في المتلقي. وعليه، فإن السياقات لها علاقة بأطراف الرسالة، خاصة المخاطب والمخاطب.

بالإضافة إلى ذلك، توجد العلاقات الدلالية التي تعمل على تنظيم الأحداث داخل الخطاب، ومنها الإجمال والتفصيل، والعموم والخصوص، والبيان والتفسير. وبالتالي، يتصل الاتساق بالجانب النحوي المرتبط بالإحالة بأشكالها المختلفة أو الاستبدال والتكرار، ما يؤدي إلى وجود اتساق نحوي ومعجمي وصوتي.

بينما يتحقق الانسجام من خلال العلاقات الدلالية التي تنظم وتماسك البنية الداخلية للنص، بما في ذلك التضاد والمقابلة، التتابع، والتناسب والسببية.

التفريق من حيث الخصائص

تتضمن الخصائص الفريدة لكل من الاتساق والانسجام ما يلي:

الـاتساق

تتجلى خصائص الاتساق فيما يلي:

  • يتطلب وجود متلقي ذو دراية في النحو والصرف لفهم القضايا النحوية والصرفية في النص المعني.
  • يلفت انتباه المتلقي نحو جمالية القضايا الرئيسية التي يحتويها النص.
  • يتعلق بالنص الذي يحقق شروط نصيته، مما يجعله حدثًا لغويًا قابلًا للتواصل والفهم.

الـانسجام

تتضح خصائص الانسجام فيما يلي:

  • الانسجام يعتبر أعمق وأشمل من الاتساق، حيث يتطلب من المتلقي توجيه اهتمامه نحو العلاقات الخفية التي تُنظم النص.
  • يحتاج الانسجام إلى مهارة من المتلقي في كشف العلاقات الخفية بين الجمل النصية، مما يمكن من فهم النص بشكل متكامل.
  • يعتمد الانسجام على عمليات ضمنية يستخدمها القارئ لفهم النص وبيان انسجامه، كالتالي:
  1. السياق الذي يحدد مجالات التأويل المتاحة ويدعم التأويل المقصود، ويشمل العناصر الأساسية للرسالة: المتكلم، المخاطب، النص، الزمان، والمكان.
  2. التشابه، حيث يتم تسليط الضوء على التجارب السابقة التي أثرت في منشئ الخطاب، مما يساعد المتلقي على فهم النص بشكل أفضل.
Scroll to Top