من هو بارمنيدس؟
بارمنيدس هو فيلسوف يوناني ينتمي إلى فترة ما قبل سقراط، وقد أطلق عليه لقب “أبو الميتافيزيقا” لأنه كان أول من تناول مسألة الوجود من منظور فلسفي عميق. تنافس بارمنيدس مع الفيلسوف الشهير أرسطو على لقب “أبو المنطق” بفضل استخدامه للاستنتاج والأسلوب الجدلي لتبرير آرائه. يعتبر بارمنيدس شخصية محورية في تاريخ الفلسفة، حيث تحدى الأنظمة الفيزيائية التي أنشأها قبله وأرسى معايير ميتافيزيقية للمدارس الفلسفية اللاحقة.
سيرة بارمنيدس
لا يُعرف التاريخ الدقيق لمولد بارمنيدس، ومع ذلك، يُعتقد أنه وُلِد حوالي عام 515 قبل الميلاد في إيليا، وهي مستوطنة يونانية تقع على الساحل التيراني لجنوب إيطاليا في شبه جزيرة أبنين.
دخل بارمنيدس التاريخ في بداية القرن الخامس قبل الميلاد بفضل قصيدته الميتافيزيقية الوحيدة، المعنونة “في الطبيعة”، والتي أسهمت في شهرته كواحد من أعمق الفلاسفة اليونانيين وأكثرهم تحديًا للأفكار التقليدية. يُعتقد أيضًا أنه مؤسس المدرسة الإيليتية الفكرية، التي تُطلق على الفلاسفة ما قبل السقراطيين الذين زعموا أن الواقع يمثل كيانًا ثابتًا ومطلقًا لا يمكن تغييره.
فلسفة بارمنيدس
يؤمن بارمنيدس بوحدة الوجود الميتافيزيقية، ويسعى جاهدًا لإثبات أن الوجود ثابت وغير متغير في كل زمان ومكان. يختصر رؤيته بفكرة مشهورة قال فيها: “الوجود كائن، واللاوجود ليس كائنًا، فلا تتجاوز فكرتك هذا”. وقد تجاوز بارمنيدس عالم الظواهر والأشكال إلى مفهوم الوجود المجرد والمتعالي.
تأثير بارمنيدس على الفلاسفة اللاحقين
يعتبر بارمنيدس من الفلاسفة البارزين في فترة ما قبل سقراط، وقد ترك تأثيرًا عميقًا على كل من سقراط وأفلاطون، تلميذه. حتى أن أفلاطون أطلق اسم “بارمنيدس” على إحدى مؤلفاته الحوارية، مما يدل على مدى تأثره بأفكار بارمنيدس واعتزازه بها. تعود الفلسفة الوجودية لبارمنيدس إلى الانتشار بشكل واسع بفضل كل من سقراط وأفلاطون، ولا تزال أفكاره تلهم المفكرين حتى اليوم.
الفلاسفة الذين تأثر بهم بارمنيدس
أناكسيماندر
في حين أكد بعض المفكرين مثل ثيوفراستوس أن بارمنيدس كان تلميذًا للفيلسوف أناكسيماندر، فإن السجلات التاريخية تشير إلى أن أناكسيماندر قد توفي قبل أن يبدأ بارمنيدس نشاطه الفلسفي. ومع ذلك، من المحتمل أن يكون بارمنيدس قد كانت لديه دراية بأفكار أناكسيماندر، خاصة أن كلاهما قاما بتناول موضوعات تتعلق بالوجود الأبدي والخالد.
زينوفانيس
أشار كل من أرسطو وثيوفراستوس إلى أن بارمنيدس كان تلميذًا للفيلسوف زينوفانيس، بسبب الصلات بين أفكارهم الفلسفية.
هيراقليطس
قام أفلاطون بالإشارة إلى وجود صلة بين هيراقليطس وبارمنيدس، إلا أنه لم يوجد دليل تاريخي يدعم هذه الفرضية. خاصةً أن هيراقليطس، المعروف بنقده للمفكرين الآخرين، لم يذكر بارمنيدس على الإطلاق.