المحاسبة الإداريّة
تُعدّ المحاسبة الإداريّة (بالإنجليزيّة: Accounting Administration) فرعًا من فروع المحاسبة التي تركز على مراقبة التقارير الماليّة الخاصة بالشركة، بالإضافة إلى دورها في دعم عمليات صنع القرار والتخطيط ورقابة العمليات التشغيلية. تتمثل المحاسبة الإداريّة في النشاطات المعنية بإعداد البيانات الماليّة عن المؤسسة، مما يساعد في تقديم الدعم اللازم للقرارات الإدارية. من التعريفات الأخرى لهذا النوع من المحاسبة أنها توفّر معلومات مالية ترتبط بالعوامل المؤثّرة في صناعة القرارات والتخطيط الإداري ورقابة العمليات؛ حيث تركز المحاسبة الإداريّة على التخطيط والمراقبة بهدف تحقيق الأهداف المحددة للشركة.
تاريخ المحاسبة الإداريّة
ظهر مفهوم المحاسبة الإداريّة لأول مرة في عام 1950م عندما تم تشكيل فريق باسم المحاسبة الإداريّة من قِبل المجلس الإنجلو أمريكي. كانت مهمة الفريق زيارة مجموعة من المنشآت الصناعية في الولايات المتحدة لوضع تقرير حول طبيعة العمل بها، والذي نُشر لاحقًا بعنوان “المحاسبة الإداريّة”، واحتوى على تعريف شامل لمفهوم هذا النوع من المحاسبة، حيث تم تقديم معلومات محاسبيّة بأسلوب يساعد الإدارة في إعداد السياسات الخاصة بالعمليات اليومية للمؤسسات.
بحسب الاتحاد الفيدرالي الدولي للمحاسبين (IFAC)، يعتمد ظهور وتطور المحاسبة الإداريّة على مجموعة من المراحل الأساسية التالية:
- مرحلة المراقبة الماليّة وتحديد التكاليف قبل عام 1950م: كانت هذه المرحلة تفتقر إلى جوانب المحاسبة الإداريّة، حيث كان الاهتمام الرئيسي للشركات يتعلق بتحديد التكلفة، مما أدى لاحقًا إلى ظهور محاسبة التكاليف كإحدى أهم الأسس في المحاسبة الإداريّة. كما ظهرت في هذه المرحلة الإدارة العلميّة التي ساهمت في تمهيد الطريق لفكرة المحاسبة الإداريّة.
- مرحلة المراقبة والتخطيط الإداريّ (1950م – 1965م): في هذه المرحلة، بدأ استخدام مصطلح المحاسبة الإداريّة، وأصبحت أداةً إداريّة مهمة، حيث كانت وظيفة المحاسب الإداري تزويد الإدارة بالمعلومات الضرورية لتطبيق التخطيط الإداري، مما ساعدها في اتخاذ القرارات وإعداد الخطط المناسبة لتحقيق الأهداف، من خلال العديد من الأساليب مثل المراقبة الماليّة وتحليل القرارات.
- مرحلة تقليل هدر الموارد (1965م – 1985م): تميزت هذه المرحلة بتوجه المحاسبة الإداريّة لمتابعة الاستثمارات والقرارات التمويلية، حيث ساهمت في متابعة العلاقات الخارجية مما أدى إلى تطوير أساليب المحاسبة الإداريّة في معظم وظائف الشركة، بدءًا من الرقابة والتخطيط وصولاً إلى اتخاذ قرارات الاستثمار، وإعداد الموازنات، مع الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة لتقليل التكاليف وتحسين الجودة.
- مرحلة الاستخدام الفعّال للموارد (1985م – 1995م): شهدت هذه المرحلة التركيز على البحث عن أساليب علميّة متقدمة لتحديد التكاليف وبناء قيمة تعتمد على الاستخدام الفعّال للموارد المتاحة والتكنولوجيا الحديثة لمواجهة تطورات الاقتصاد.
- مرحلة الثورة التكنولوجيّة (بعد عام 1995م): تمثلت هذه المرحلة في انتشار التكنولوجيا في المجالات الاقتصادية كافة، مثل التجارة والصناعة، مما أفرز استثمارات كبيرة فرضت على المحاسبة الإداريّة تبني فلسفة إدارية تتماشى مع هذه التطورات، مما أدى إلى ظهور أدوات حديثة، مثل التكاليف المستهدفة والإدارة على أساس الأنشطة.
الأهداف الأساسية للمحاسبة الإداريّة
تسعى المحاسبة الإداريّة لتحقيق مجموعة من الأهداف، تتضمن:
- توفير الدعم المناسب للمدراء من خلال تزويدهم بالأدوات اللازمة لتطبيق التقييم المحاسبي والمالي، مما يساعد في متابعة الأداء الإداري بشكل تفصيلي وإجمالي في آن واحد.
- تطبيق أسس تحليل البيانات بطريقة منهجيّة تجمع بين أدوات علم الإدارة والمحاسبة.
- المساهمة في إرساء نظرة مستقبليّة للأداء الربحي والإنجاز المالي للمؤسسة، لتقديم توصيات تسهم في تحقيق التناسق بين نظم العمليات الإدارية والمتطلبات الخاصة بالخطة المستقبلية.
- دراسة المخاطر المحتملة التي تؤثر على حيوية واستمرارية العمل، ومن ثم وضع النماذج اللازمة لتجاوز أي أضرار مالية أو إدارية متوقعة، سواء في الحاضر أو المستقبل.
- المشاركة في إعداد الموازنات المالية، إذ تغطي موازنات المحاسبة الإداريّة كافة الأنشطة المالية للمؤسسة، وتتميز بأنها واقعية، مما يعني إمكانية تنفيذها اعتمادًا على إمكانيات المؤسسة، ويتيح تعديلها وفقًا للتغيرات في الظروف المؤثرة على وضع المؤسسة.
أسس المحاسبة الإداريّة
تعتمد المحاسبة الإداريّة على مجموعة من الأسس، وهي:
- الأسس المحاسبيّة: تشمل مجموعة من الأنظمة المحاسبيّة التي تستخدمها المحاسبة الإداريّة في تسجيل النشاطات الاقتصاديّة من خلال السجلات والمستندات، ومن ثم تصنيفها لتحديد حقائق ذات صلة بالنشاطات الرئيسية والفرعية في الوحدة الاقتصاديّة، بهدف تنفيذ الرقابة عليها.
- الأسس الإداريّة: هي المكونات الأساسية التي لا يمكن للمحاسبة الإداريّة تحقيق النجاح دونها، والتي تنقسم إلى:
- الهيكل التنظيمي: يضمن دور المحاسبة الإداريّة في مساعدة الإدارة على الرقابة والتخطيط لوظائف المشروع، مع تحقيق التوازن بين الهيكل التنظيمي وحجم الأنشطة الخاصة بالوحدة الاقتصاديّة، وتنظيم مراكز المسؤوليّة في الأقسام أو الإدارات أو خطوط الإنتاج.
- النظام الإداري السليم: هو النظام الذي تعتمد عليه المحاسبة الإداريّة ويركز على التنظيم الإداري والمشاركة الفعالة للعناصر البشرية في عمليات الإدارة كالتخطيط والتنظيم والرقابة.
- الأسس الإحصائيّة: تمزج بين الإحصاء والمحاسبة الإداريّة؛ إذ أصبحت المحاسبة الإداريّة تتعاون بشكل وثيق مع الإحصاء، حيث تعتمد أي وحدة عمل على وجود بيانات كمية ضرورية تساهم في تنفيذ العمليات الإداريّة.