الاستشعار عن بُعد
يُعتبر الاستشعار عن بُعد علماً متخصصاً في جمع البيانات والمعلومات من مصادرها على مسافات بعيدة جداً، يعتمد هذا العلم على التقاط الصور من ارتفاعات عالية، باستخدام أدوات مخصصة لتسجيل الأشعة الكهرومغناطيسية المنعكسة عن سطح الأرض. يهدف هذا العلم إلى تزويد الإنسان بالمعلومات اللازمة لدراسة تضاريس الأرض وأشكالها، حيث تقدم الأقمار الصناعية صوراً جوية رقمية غنية بالمعلومات والبيانات والملاحظات الجوية، مما يوفر معلومات قيّمة للمحطات الأرضية.
تُعد تقنيات الاستشعار عن بُعد من الوسائل المتقدمة التي تسهم في الحصول على المعلومات وتسجيلها، وقد بدأت في الأصل باستخدام العين المجردة ثم تطورت لتصبح تعتمد على المنصات الجوية التي تعتمد على معالجة الصور الضوئية، بما في ذلك المركبات الكيميائية الحساسة للضوء.
يتركز علم الاستشعار عن بُعد على تحليل طبيعة الأجسام دون الحاجة إلى تفاعل مباشر معها، ومن أبرز أنواع هذا الاستشعار هو استخدام الصور الفضائية المنتجة بواسطة الأقمار الصناعية أو الطائرات. تتنوع أهداف هذه الصور، وتشمل:
- الأهداف الطبيعية أو الجيولوجية: الاعتماد على الصور الفضائية لاستكشاف مواقع النفط والمعادن والمياه، وكشف التغيرات الجيولوجية التي قد تتعرض لها الأرض.
- الأهداف الزراعية: توفّر الصور الفضائية والجوية معلومات حول الأمراض التي تصيب النباتات وتحديد أنواعها المتواجدة في مناطق معينة.
- الأهداف المتعلقة بعلم الجليديات: تستخدم الأقمار الصناعية لتقديم معلومات للمتخصصين حول تحركات وذوبان الكتل الجليدية.
الأشعة الكهرومغناطيسية
تستند الأقمار الصناعية في جمع المعلومات إلى استخدام الأشعة الكهرومغناطيسية، التي تعتبر طاقة ذات أطوال موجية سريعة جداً، تصل سرعتها إلى ثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية. تنتشر الأشعة الكهرومغناطيسية على شكل موجات كهربائية ومغناطيسية متساوية الطول، تمتاز بتباين ألوانها بناءً على تردد موجاتها، حيث يمكن أن تظهر باللون الأخضر أو الأحمر أو البرتقالي أو الأصفر.
تشمل هذه الأطوال الأشعة إكس، والتي تقل عن أربعمائة نانومتر، بينما الأشعة تحت الحمراء تكون بين أربعمائة وسبعمائة وخمسين نانومتر، والأشعة الراديوية تكون أطول من سبعمائة وخمسين نانومتر، حيث كلما زاد طول الموجة، انخفض ترددها.
مكونات نظام الاستشعار عن بعد
يتكون نظام الاستشعار عن بُعد من مجموعة من المكونات التي تشكل أساس عمله، وهي:
- مصدر الأشعة الكهرومغناطيسية: الذي يعد العنصر الأساسي في عمل أنظمة الاستشعار عن بُعد.
- تفاعل النظام مع سطح الأرض: يتم هذا التفاعل بالاعتماد على الأشعة الكهرومغناطيسية المنعكسة.
- التفاعل مع الغلاف الجوي: حيث يؤثر الغلاف الجوي على الأشعة الكهرومغناطيسية عند مرورها عبره.
- أجهزة الاستشعار: تشمل أدوات تسجيل البيانات من خلال الأشعة المنعكسة (فوق الحمراء، والراديوية، وإكس) بعد حدوث تفاعلات مع سطح الأرض والغلاف الجوي.
أهمية الاستشعار عن بُعد
تلعب تقنيات الاستشعار عن بُعد دوراً حيوياً في مجالات عدة مثل الدراسات الجغرافية، وتبرز أهميته في:
- رصد توزيع الظواهر الأرضية على نطاق واسع من ارتفاعات عالية، مما يوفر رؤية أوضح بالمقارنة مع الرصد الأرضي.
- متابعة التغيرات الجيولوجية، مثل الفيضانات والزلازل، مع التركيز على الظواهر التي تكون صعبة الملاحظة بالعين المجردة.
- توفير سجلات للظواهر الطبيعية تمكن من العودة إليها في وقت لاحق لدراستها، مما يسهل المقارنة بين الصور الملتقطة.
- جمع البيانات التي تعجز العين البشرية عن رؤيتها بسبب حساسية الأشعة المرئية.
- اتخاذ إجراءات دقيقة وسريعة فيما يتعلق بالارتفاعات والانحدارات والمساحات.
- دعم الدراسات التطبيقية المختلفة في فروع الجغرافيا.
- تمكين رسم الخرائط وتحديثها بسرعة وبدقة.
تطبيقات الاستشعار عن بُعد
- في مجال الزراعة: يتم استخدام الاستشعار عن بُعد للأغراض التالية:
- تحديد الكمية المتوقعة للمحاصيل الزراعية.
- كشف الأمراض والآفات التي تصيب المحاصيل.
- وضع سياسات لحماية المناطق الزراعية من التلوث.
- رسم الخرائط الزراعية لتحديد مساحاتها.
- متابعة ظاهرة التصحر والحد منها.
- رصد الغابات وكشف الحرائق عند نشوبها.
- في الجيولوجيا: يتمثل استخدام الاستشعار عن بُعد في:
- إنتاج وإعداد الخرائط الجيولوجية.
- الكشف عن المناطق البركانية ورصد التحركات في الطبقات الأرضية.
- متابعة التصدعات الأرضية.
- استكشاف المواد الخام من مصادرها الطبيعية.
- في مجال التربة: يشمل دور الاستشعار عن بُعد:
- تصنيف ودراسة أنواع التربة.
- إعداد خرائط مناخية للتربة.
- تحسين التربة من خلال دراستها وحفظها.
- متابعة الأراضي واتخاذ التدابير اللازمة لمنع الجفاف.
- في مجال المياه: يتم الاعتماد على نظام الاستشعار عن بُعد في:
- إعداد خرائط دقيقة للمناطق المائية.
- متابعة ودراسة مياه البحار والأنهار وحمايتها من التلوث.
- كشف المناطق المعرضة للفيضانات.
- استكشاف آبار المياه الجوفية.
- متابعة حركة الأنهار.
- في رسم الخرائط: يستفيد الجغرافيون من الصور الجوية والفضائية لتحديث وإعداد الخرائط بدقة، مما يُثري المعلومات بها.
- في مجال حماية البيئة: يساعد في الحفاظ على البيئة من التلوث من خلال مراقبتها ورصد التغييرات على سطح الأرض، ويتناول دراسات حول:
- التلوث الجوي.
- التلوث المائي.
- تأثير المصانع ومخاطرها على البيئة.
- الأثر السلبي للنفايات على البيئة.
- رسم خرائط للمناطق المحمية.
- متابعة ودراسة التغييرات البيئية وتأثيراتها.
- في مجال الآثار: يستخدم علماء الآثار الاستشعار لالتقاط الصور الفضائية للحفاظ على التراث التاريخي مثل القلاع والقصور.
- في الملاحة الجوية والبحرية: تلعب تقنيات الاستشعار عن بُعد دوراً مهماً في تحديد مسارات الطائرات وأماكنها، فضلاً عن الكشف عن تسرب النفط في المياه.
- في المجال العسكري: يُستخدم الاستشعار لأغراض الدفاع الجوي والصاروخي ولرصد الحدود الجوية، بما في ذلك جمع المعلومات الاستخباراتية.